الأربعاء، 21 يناير 2009

مفاهيم الجمال في العمارة الإسلامية

مفاهيم الجمال في العمارة الإسلامية
كتب: عادل عبد المنعم الدمرداش
إنّ العمارة هي فن البناء(حسب تعريف القاموس)،وبذلك فهي من الناحية التحليلية تعتبر فناً وعلماً،ولكن بالنظرة التكاملية تعتبر فناً.وما العلوم الهندسية والتقنية سوى أنها من وسائل التنفيذ.إنّ العمارة هي التي تأوي الإنسان ونشاطه في المجالات الروحية والمادية كافة على المستويات الفردية والجماعية من وقت أن يولد إلى أن يموت،فهي تشمل جميع المباني الدينية والدنيوية،الحضرية والريفية،السكنية والعامة،الثقافية والتجارية إلخ...
الجمال في العمارة
قد يذهب بعض الناس إلى أنّ الشعور بالجمال يعتبر أمراً نسبياً،يختلف الحكم فيه بين شخص وآخر.ولكن الجمال كالصحة يتطلب استيفاء شروط خاصة خاضعة لقوانين طبيعية.
إنّ الجمال المعماري في المبنى أو مجموعة المباني التي يتكون منها الشارع والحي والمدينة إنما هي صفة بصرية تنتج من التأثير بالشكل في الشعور بالتوافق بينه وبين القوى العاملة على تكوينه.
العمارة الإسلامية
إنّ العمارة الإسلامية وظهورها وانتشارها يعتبر ظاهرة خاصة تسترعي الاهتمام من حيث الاعتبارات الثقافية،فإنه يمكن القول بأنها قد نشأت وانتشرت طفرة واحدة بالنسبة إلى قصر الزمن الذي أخذه الطراز الإسلامي في التبلور وفي شموله لمختلف البلاد الإسلامية.
فإنّ الطراز الإسلامي في العمارة لم ينشأ من تفاعل ذكاء جماعة واحدة مع بيئتها الخاصة،إنما من تفاعل ذكاء عدة جماعات مختلفة،قبلية وحضرية من التي اعتنقت الإسلام والتي استوطنت مختلف البلاد.ولما كانت حاجات المسلمين الروحية موحدة فقد أتت أشكالهم المعمارية متشابهة.ومما ساعد على إيجاد التشابه عاملان:العامل الأول جغرافي من حيث إن الطبيعة في البلاد التي انتشر فبها الإسلام متشابهة من حيث المناخ،فهي تقع في المنطقة الممتدة من حدود الهند إلى سواحل المحيط الأطلسي بين خطي عرض 10،35 شمالاً.وهي صحراوية حارة جافة في المعظم والغالب،الأمر الذي جعل حلولهم المعمارية متشابهة أصلاً.
والعامل الآخر سياسي/ثقافي،فإنّ الفتح الإسلامي لم يكن استعماراً بالمعنى الحديث حيث أنّ المسلمين سواسية بلا تفرقة فكان الخليفة هو خليفة المسلمين جميعاً:أموياً كان أو عباسياً أو فاطمياً أو عثمانياً.وقد عني الخلفاء بالعمارة ببناء المساجد والقصور في مختلف البلاد موحدين الطراز مع الفوارق البسيطة الناتجة من اختلاف المناخ أو مواد البناء ونوع حرف البناء التي كانت سائدة في مختلف البلاد قبل دخول الإسلام،ومن ناحية أخرى فإنّ صفة التجريد التي تتصف بها الفنون الإسلامية كانت من العوامل التي يسرت تبادل الأشكال المعمارية والزخرفية بين مختلف الجماعات وكأنها الخط العربي الذي كتب به القرآن الكريم،وقد تحرر المعماري من الكثير من العوامل التي تفرضها البيئة باعتبار المحاكاة للأشكال الطبيعية التي في كل منطقة.وبذلك تيسر التأقلم السيكولوجي أو الروحاني وقد تغلبت صفة التجريد على المحاكاة.
غير أنّ هذا التجريد كما يسر نشأة العمارة الإسلامية وانتشارها بسرعة دفعة واحدة فإنّه كان سبباً في زوالها بسرعة ودفعة واحدة أيضاً.فإنّه بدخول الإنسانية في العصر الحديث،عصر التصنيع،حدثت تغيرات جذرية في الهندسة المعمارية كان من أثرها أن زالت الأشكال التي تبلورت على مر الأجيال وذلك باستعمال المواد الحديثة كالخرسانة المسلحة والصلب والحديد والزجاج والبلاستيك إلخ...التي حلت محل المواد التي كانت تستعمل في البناء في السابق كالحجر والرخام والطوب والخشب الأمر الذي تسبب عنه انقراض معظم حرف البناء التقليدية التي درج عليها صاحب الحرفة في التعبير عن مكنونات وجدانه بطريقة مباشرة ودخلت التقنية الحديثة التي أقحمت نوعاً آخر من التجريد على العمارة ألاّ وهو التجريد الإنشائي وليس الفني.وبذا لم تعد العمارة كعنصر من عناصر الثقافة نابعة من تفاعل ذكاء الإنسان مع البيئة الطبيعية إنما من نتاج تفاعل الإنسان الحديث مع الآلات.وكانت المادية التي تغلب في الحضارة المعاصرة والحضرية على الخصوص.
وتعدد طرائق العمارة الإسلامية وتنوع نماذجها من مبنى لآخر ، إن كان مسجداً أو حصناً ، ويمكن للمتأمل لهذا الفن أن يلحظ الاهتمام الواضح الذي أولاه الأولون للعناية ببيوت الله تعالى ، والتأنق في عمارتها وزخرفتها كونها أفضل البقاع وأشرف الأماكن ، وقد اهتم البناة في تطوير أساليبهم بدءاً من التخطيط الهندسي والتصميم الجميل للمسجد إلى جانب العناصر المعمارية والزخرفية التي تكتنف المبنى وأجزاءه المختلفة من مداخل وقباب ومآذن وأعمدة ونوافذ ، ويقف المشاهد مشدوهاً أمام روعة هذه الزخارف وقوة الخطوط التي يستخدمها الرسام المسلم ، ولعل أروع الأمثلة للعناية ببيوت الله تعالى تتجسد في بيت الله الحرام بمكة المكرمة ، ومسجد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة ، ومسرى سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم حيث الأقصى المبارك ، والمسجد الأموي بالشام والجامع الكبير ببغداد وجامع الزيتونة بتونس .

المسجد في العمارة الإسلامية
ويعتبر المسجد رمزاً للفن الإسلامي؛ فهو مكان بسيط على شكل مربع أو مستطيل مستمد من المسجد الأول للرسول (صلى الله عليه وسلم) بالمدينة المنورة، وقد انعكست بساطة العقيدة، وعدم وجود قرابين أو تأليه لشخصيات دينية على المسجد؛ فكان -ولا يزال- بسيطًا في تخطيطه وتجهيزاته، ويُزين بالآيات القرآنية والزخارف النباتية والهندسية المجردة، وأصبحت مسئولية المهندس المعماري المسلم تأكيد الهيكل البنائي بإثرائه بالزخارف النباتية المجردة والهندسية، والخط العربي بأنواعه. كما حرص الفنان المسلم على إثراء هذه البساطة المعمارية بالتنويع في الخامات المستعملة، فهو عندما يُقسِّم السطوح الموجودة أمامه على جدران المسجد إلى مساحات مختلفة الأشكال يملأ كل مساحة بعناصر زخرفية نباتية مجردة أو هندسية، كما يستعمل الحجر والرخام والجص والفسيفساء وبلاطات القيشاني بحثاً عن القيم الجمالية التي تتميز بها كل خامة، ذلك إلى جانب فتحات النوافذ التي تشكل بدورها علاقة جمالية مع الجدران، وتزين في نفس الوقت بالزجاج الملون الذي يضفي على المكان روعة وجمالاً. هذا الأسلوب لم يكن قاصرًا على المساجد وحدها؛ بل يمتد بزخارفه المتعددة ونوافذه المُحلاة بالزجاج الملون إلى البيوت والقصور وإلى جميع أنماط العمائر الإسلامية، فهو أسلوب عام لكل الإنتاج الفني الإسلامي بما في ذلك المنتجات الفنية الصناعية التي يستعملها الإنسان في حياته اليومية.
وكان المعمار الإسلامي يعتمد علي النواحي التطبيقية لعلم الحيل وهذا يتضح في إقامة المساجد والمآذن والقباب والقناطر والسدود فلقد برع المسلمون في تشييد القباب الضخمة ونجحوا في حساباتها المعقدة التي تقوم علي طرق تحليل الإنشاءات القشرية. فهذه الإنشاءات المعقدة والمتطورة من القباب مثل قبة الصخرة في بيت المقدس وقباب مساجد الآستانة والقاهرة والأندلس والتي تختلف اختلافا جذرياً عن القباب الرومانية وتعتمد اعتمادا كليا علي الرياضيات المعقدة. فلقد شيد البناءون المسلمون المآذن العالية والطويلة والتي تختلف عن الأبراج الرومانية . لأن المئذنة قد يصل ارتفاعها لسبعين مترا فوق سطح المسجد .وأقاموا السدود الضخمة أيام العباسيين والفاطميين والأندلسيين فوق الأنهار كسد النهروان وسد الرستن وسد الفرات .كما أقاموا سور مجري العيون بالقاهرة أيام صلاح الدين الأيوبي وكان ينقل الماء من فم الخليج علي النيل إلي القلعة فوق جبل المقطم . وكانت ساقية تدار بالحيوانات ترفع المياه لعشرة أمتار ليتدفق في القناة فوق السور وتسير بطريقة الأواني المستطرقة لتصل القلعة . تتميز الحضارة الإسلامية بالتوحيد والتنوع العرقي في الفنون والعلوم والعمارة طالما لا تخرج عن نطاق القواعد الإسلامية . ففي العمارة بنى أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي, على نهر دجلة عاصمته بغداد سنة (145- 149 هـ) على شكل دائري، وهو اتجاه جديد في بناء المدن الإسلامية، لأن مـعظم المدن الإسلامية، كانت إما مستطيلة كالفسطاط، أو مربعة كالقاهرة، أو بيضاوية كصنعاء. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن هذه المدن نشأت بجوار مرتفعات حالت دون استدارتها . ويعتبر تخطيط المدينة المدورة (بغداد)، ظاهرة جديدة في الفن المعماري الإسلامي ولاسيما في المدن الأخرى التي شيدها العباسيون مثل مدينة سامراء وما حوته من مساجد وقصور خلافية فخمة. وظهرت مدن تاريخية في ظلال الحكم الإسلامي كالكوفة والبصرة وبغداد والقاهرة والفسطاط والعسكر والقطائع والقيروان وفاس ومراكش والمهدية والجزائر وغيرها . كما خلفت الحضارة الإسلامية مدنا متحفية تعبر عن العمارة الإسلامية كاستانبول بمساجدها والقاهرة بعمائرها الإسلامية وبخاري وسمرقند ودلهي وحيدر أباد وقندهار وبلخ وترمذ وغزنة وبوزجان وطليطلة وقرطبة وأشبيلية ومرسية وسراييفو وأصفهان وتبريز ونيقيا والقيروان والحمراء وغيرها من المدن الإسلامية . وكان تخطيط المدن سمة العمران في ظلال الخلافة الإسلامية التي امتدت من جنوب الصين حتى تخوم جنوب فرنسا عند جبال البرانس. وكانت المدن التاريخية متاحف عمرانية تتسم بالطابع الإسلامي . فكانت المدينة المنورة قد وضع النبي أساسها العمراني والتخطيط حيث جعل مسجده في وسط المدينة ,وألحق به بيته وجعلها قطائع حدد لها اتساع شوارعها الرئيسية. وكلها تتحلق حول مسجده. وجعل سوقها قي قلب مدينته . لتكون بلد جنده. وعلي نمط مدينة الرسول أقيمت مد ن الموصل و الكوفة و واسط بالعراق والفسطاط بمصر لتكون أول بلدة إسلامية بأفريقيا . وقد أقامها عمرو بن العاص كمدينة جند فجعل مسجده في قلبها وبجواره دواوين الجند ودار الإمارة , وحولها قطائع سكنية تتحلق بمسجده . وكل قطعة كانت تضم جنود كل قبيلة . وكذلك كانت مدينة القيروان بشمال أفريقيا .وكان التخطيط العمراني له سماته الشرعية حيث تشق الشوارع بالمدينة الإسلامية تحت الريح لمنع التلوث وتقام الورش تحت خارج المدينة لمنع الإقلاق . وكان تمنح تراخيص للبناء بحيث يكون المبني من طابق أو طابقين . والأسواق كانت مسقوفة لمنع تأثير الشمس. وكان يعين لكل سوق محتسب لمراقبة البيع والأسعار وجودة البضائع والتفتيش علي المصانع للتأكد من عدم الغش السلعي والإنتاجي.وبكل مدينة أو بلدة كانت تقام الحمامات العامة لتكون مجانا .وكان لها مواصفات وشروط متفقة متبعة .وكان يتم التفتيش علي النظافة بها وإتباع الصحة العامة. حقيقة كانت الحمامات معروفة لدي الإغريق والرومان . لكنها كانت للموسرين. والعرب أدخلوا فيها التدليك كنوع من العلاج الطبيعي. وأقاموا بها غرف البخار (الساونا).والمسلمون أول من أدخلوا شبكات المياه في مواسير الرصاص أو الزنك إلى البيوت والحمامات والمساجد.. وقد أورد كتاب "صناعات العرب " رسما وخرائط لشبكات المياه في بعض العواصم الإسلامية. ومعروف أن الكيميائيين العرب قد اخترعوا الصابون. وصنعوا منه الملون والمعطر. وكان في كل حمام مدلك مختص. وآخر للعناية باليدين.. والقدمين وبه حلاق للشعر كما كان يلحق به مطعم شعبي. وقد قدر عدد الحمامات في بغداد وحدها في القرن الثالث الهجري (955 م) حوالي عشرة آلاف حمام وفي مدن الأندلس أضعاف هذا العدد.
ويعتبر المسجد بيتاً من بيوت الله حيث يؤدي به شعائر الخمس صلوات وصلاة الجمعة التي فرضت علي المسلمين ويقام فيه تحفيظ القرآن . وبكل مسجد قبلة يتوجه كل مسلم في صلاته لشطر الكعبة بيت الله الحرام . وأول مسجد أقيم في الإسلام مسجد الرسول بالمدينة المنورة . وكان ملحقا به بيته . وانتشرت إقامة المساجد كبيوت لله في كل أنحاء العالم ليرفع من فوق مآذنها الآذان للصلاة . وقد تنوعت في عمارتها حسب طرز العمارة في الدول التي دخلت في الإسلام . لكنها كلها موحدة في الإطار العام ولاسيما في اتجاه محاريب القبلة بها لتكون تجاه الكعبة المشرفة . وبكل مسجد يوجد المنبر لإلقاء خطبة الجمعة من فوقه . وفي بعض المساجد توجد أماكن معزولة مخصصة للسيدات للصلاة بها . وللمسجد مئذنة واحدة أو أكثر ليرفع المؤذن من فوقها الآذان للصلاة وتنوعت طرزها. وبعض المساجد يعلو سقفها قبة متنوعة في طرزها المعمارية .
المحراب
وفي المساجد نجد المحراب علامة دلالية لتعيين اتجاه القبلة(الكعبة ) . وهذه العلامة على هيئة مسطح أو غائر(مجوف) أو بارز .والمسلمون استعملوا المحاريب المجوفة ذات المسقط المتعامد الأضلاع. أو المسقط النصف دائري . وقد اختيرت الهيئة المجوفـة للمحراب لغرضين رئيسين هما : تعيين اتجاه القبلة, وتوظيف التجويف لتضخيم صوت الإمام في الصلاة ليبلغ المصلين خلفه في الصفوف .وكانت تجاويف المحاريب تبطن وتكسي بمواد شديدة التنـوع كالجص والرخام والشرائط المزخرفة بالفسيفساء أو المرمر المزخرف.ونري المحاريب التي شيدها المماليك في مصر والشام من أبدع المحاريب الرخامية , حيث تنتهي تجويفة المحراب بطاقية على شكل نصف قبـة مكسوة بأشرطة رخامية متعددة الألوان. و أبرع الفنانون المسلمون في استخدام مختلف أنواع البلاطات الخزفية لتغشية المحاريب أما الخزافون في الشرق, فقد استخدموا بلاطات الخزف ذات البريق المعدني والخزف الملون باللـون الأزرق الفيروزي . وقد حفلت المحاريب بالكتابات النسخية التي تضم آيات من القرآن الكريم, بجانب الزخارف النباتية المميزة بالتوريق و الأرابيسك . كما استخدمت فيها المقرنصات الخزفية لتزيين طواقي المحاريب. وجرت العادة وضع المحراب في منتصف جدار القبلة بالضبط ليكون محوراً لتوزيع فتحات النوافذ على جانبيه بالتوازن.
المئذنة
والمئذنة (المنارة) الملحقة ببنايات المساجد لها سماتها المعمارية .وتتكون من كتلة معمارية مرتفعة كالبرج و قد تكون مربعة أو مستديرة أو بها جزء مربع و أعلاها مستدير. و بداخلها سلم حلزوني (دوار) يؤدي إلي شرفة تحيط بالمئذنة ليؤذن من عليها المؤذن و ليصل صوته أبعد مدى ممكن. و المآذن المملوكية تتكون من جزء مربع ثم جزء مثمن ثم جزء مستدير بينهم الدروات و يعلوها جوسق ينتهي بخوذة يثبت بها صواري تعلق بها ثرايات أو فوانيس. و مئذنة مدرسة الغوري بالقاهرة, أقيم في طرفها الغربي منار مربع يشتمل على ثلاثة أدوار يعلو الدور الثالث منها أربع خوذ كل خوذة منها في دور مستقل, و محمولة على أربعة دعائم و بكل خوذة ثلاث صواري لتعليق القناديل أو الثريات.
العمارة الإسلامية في مصر
لقد غمرت روح الإسلام وحضارة العرب جميع البلاد المصرية ذات الأصالة التاريخية، وطرحت أمامها تلك الثروة المعمارية والفنية الضخمة من مدنية قدماء المصريين، وتسابقت في مجالات الفنون المختلفة حتى أصبحت هذه البلاد رائدة وقائدة للشعوب الإسلامية في مختلف العصور.
ومن الواضح أن يقترن تاريخ الفنون والعمارة في مصر بالتاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والروحي. وقد تعاقبت على مصر دول متعددة وحكومات مختلفة، وتغيرت كل واحدة منها وتغير أساليب الحكم فيها، مما كان له أكبر الأثر في تطور الفنون والصناعات المتعددة، وتجلى ذلك بصورة واضحة في تطور أساليب العمارة والبناء وخاصة ما كان لتغير المذهب الديني من أثر، فقد كان الفاطميون مثلاً شيعة انفصلوا عن الخلافة، ثم جاء صلاح الدين وظهر بعده فن آخر يختلف عن فن الفاطميين في طريقة البناء والزخرفة، وهكذا الحال في حكم المماليك ثم الأتراك.
والأمثلة المعمارية الرائعة في مصر كثيرة من أهمها مسجد "أحمد بن طولون" الذي يُعدّ تحفة معمارية حقيقية؛ حيث يتكون من صحن مربع مكشوف تحيط به أروقة من جوانبه الأربعة، وتقع القبلة في أكبر هذه الأروقة، وهناك ثلاثة أروقة خارجية بين جدران الجامع وبين سوره الخارجي تسمى بالزيادات.وهناك أيضًا الجامع الأزهر ومسجد وضريح السلطان قايتباي.
العمارة في المغرب العربي والأندلس
اهتم خلفاء بني أمية أمثال عبد الرحمن الناصر، وهشام، والحكم، وغيرهم اهتمامًا كبيراً بالغ الأثر بالفنون والعمارة. وأولوها حبهم ورعايتهم لدرجة أن كانت قرطبة العاصمة في وقتها ذات مكانة خاصة ومنزلة جامعية، وسُمِّيَت مدينة العلم والمال والجمال. واحتفظت الأندلس بأعظم تراث للفن الإسلامي خلده التاريخ بما له من سحر وجمال.
ويعتبر جامع القيروان وجامع الزيتونة في تونس من أشهر الآثار المعمارية الباقية للآن.
وغرناطة هي آخر المدن الإسلامية في أسبانيا، ويقرن اسمها دائمًا باسم أشهر تحفة معمارية بها وهي (قصر الحمراء) الذي يعتبر فخرًا للعمارة الإسلامية ومعجزة من معجزات الفن الإسلامي العريق.
شُيِّد قصر الحمراء في أوائل القرن الثالث عشر؛ حيث نجد شعار بني الأحمر "لا غالب إلا الله" منقوشاً على حوائط هذا القصر وعلى جميع مبانيه بالخط الكوفي والنسخ.
ويتكون القصر من عدة عناصر معمارية هامة، نذكر منها قاعة الشورى، ومنها إلى ساحة الآس التي بها بِرْكة صناعية وبصدرها قاعة السفراء؛ حيث كان العرش، ثم ساحة الأسود العالمية المشهورة، والتي تجمع مع ما حولها من القاعات أروع ما في القصر من جمال وسحر، ويلاحظ أن أسقف الحمامات المخصصة للقصر من البلور على شكل قباب تصل إليها أشعة الشمس الضعيفة، وتنعكس داخل الحمامات فتضفي سحرًا خاصًّا على المكان.
وقد امتازت "أشبيلية" بشكل عام بسلامة التنسيق وحسن التخطيط، وساعد ذلك جمال الخضرة النضرة ووجود المناظر الطبيعية، أما قرطبة فقد كانت عاصمة الأمويين القديمة في الأندلس، وأجمل مبانيها ذلك الجامع الكبير الشهير بأروقته وأعمدته المتعددة.
الفن والعمارة في الهند
حينما استولى المسلمون على دلهي عام 1193م ظهر الفن الإسلامي في شمال الهند، ويمكن تقسيم الفن إلى عصرين عظيمين.
الأول هو عصر الباتان: وأهم ما يمتاز به هذا العصر أن العمارة كانت فيه تذكارية معبِّرة، وذلك بتقدم فن البناء وطرق الإنشاء باستعمال الحجر الرملي والرخام بمختلف أشكاله وأنواعه، ومراعاة مقياس الرسم المناسب في تصميمات هذه الأبنية، حتى أصبحت مدينة دلهي العاصمة بما حوته من مبانٍ ضخمة وآثار إسلامية تضارع أثينا أو روما أو القسطنطينية ولا تقل عنها من الناحية المعمارية.
أما العصر الثاني فيُسمَّى المغولي 1526م إلى 1857م، فقد كانت الفنون فيه متأثرة بالفن الهندي القديم، فتميزت العمارة والأبنية فيه بالنافورات والفساقي وخلجان المياه؛ مما أضفى على هذه الأبنية سحراً خاصًّا.
ولا شك أن تاج محل الذي أنشأه الشاه (جيهان) في أجرا هو أعظم وأشهر الآثار الإسلامية حتى لُقِّب بألمع جوهرة في تاريخ العمارة بالهند.

الفن والعمارة في فارس
خصصت فارس للمسلمين أيام الخلفاء الراشدين، ومن أهم الآثار المعمارية الباقية الخالدة جامع أصفهان الكبير، ولعل من أهم المميزات هو كثرة استعمالات كسوة الحوائط في العمارة الفارسية بالأنواع المختلفة المتعددة من القيشاني ذي الألوان الزاهية والذهبية؛ حيث تفننوا في صناعتها، وكانت تسمى "بالكاش الفرفوري".
الفن والعمارة في تركيا
من المعلوم أن العثمانيين سُلالة من الأتراك السلاجقة، وكان لهم فن تأثر بالفن الفارسي، فلما استولوا على القسطنطينية وضعوا أسس عماراتهم ومبانيهم على نفس الأسس الخاصة بالعمارة البيزنطية المزركشة، والتي كانت من أهم مظاهرها ومعالمها الواضحة كثرة القباب، وقد نجحوا في تحويل كثير من الكنائس إلى دور عبادة مسلمة، وهذا هو السبب في الاستغناء عن نظام الصحن المكشوف المحاط بالبواكي على جوانبه الأربعة كما هو متبع في جميع المساجد في البلاد الإسلامية.
وقد أصبح جامع "أيـا صوفيا" نموذجًا يُقتدى به في بناء الجوامع التركية، وقد كثرت استعمالات القباب حتى حملت على الأعمدة والعقود، أما الحوائط فكانت تُكسى من الداخل بألواح القيشاني الملون. وأبدع ما شيَّده العثمانيون من المساجد بالقسطنطينية جامع "بايزيد" وجامع "السليمانية"؛ حيث استعمل في جميع النوافذ الزخارف البديعة المصنوعة من الجبس المحلى بالزجاج الملون.
الصور المقترحة للموضوع:
- بيت الله الحرام بمكة المكرمة.
- مسجد الحبيب المصطفى(صلى الله عليه وسلم) بالمدينة المنورة.
- المسجد الأموي بدمشق. – جامع السليمانية بالقسطنطينية.
- الجامع الكبير ببغداد. – تاج محل بأجرا – الهند.
- جامع الزيتونة بتونس. - قصر الحمراء- أسبانيا.
- سور مجرى العيون بالقاهرة. - الجامع الأزهر.
- مسجد أحمد بن طولون بالقاهرة. - مسجد وضريح السلطان قايتباي.
- جامع القيروان بتونس. - مئذنة مدرسة الغوري بالقاهرة.
- جامع آيا صوفيا باستانبول – تركيا. – منزل السحيمي بالقاهرة.
المصـــــــــــــــــادر:
1.العمارة والبيئة-المهندس حسن فتحي-العدد 67 سلسلة كتابك-دار المعارف-مصر.
2. قراءات نقدية في الزخرفة الإسلامية- تأليف : عبد الله سعيد مكني الغامدي.
3. عمارة المساجد.. خشوع وجمال - هيـام السيد.
4. كتاب عبقرية الحضارة الإسلامية- بقلم: أحمد محمد عوف.
5. العلم و الفنون في الحضارة الإسلامية- بقلم: أحمد محمد عوف.
http://ar.wikibooks.org/wiki/ 6.

روابط ومواقع مفيدة :
http://www.islam.org
http://www.islamicity.com
http://www.islamonline.com
http://www.islamctr.org
http://www.isna.net
http://www.icna.com/main.html
http://www.islamicfinder.org
http://www.nzmuslim.net
http://www.mpac.org
http://www.moonsighting.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق