السبت، 24 يناير 2009

برج الأرنب الصيني

برج الأرنب الصيني
للتعرف أكثر على شخصية صاحب المدونة:
http://abraj.maktoob.com/برج_الارنب.htm

الجمعة، 23 يناير 2009

عصمت داوستاشي


قلم وعدسة :عادل فضالي- مصر

الحياة المصرية جزء من نسيج ذاكرة لوحات عصمت داوستاشي

فهي من وجوه الأصدقاء إلى الشوارع والأزقة التي انغمست فيها فرشاته وألوانه

منذ تخرج الفنان عصمت داوستاشي(مواليد الإسكندرية في 14/3/1943) في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1960 وهو شعلة نشاط فني لا تهدأ؛ يكوّن الجمعيات الفنية، ويقيم المعارض، ويمارس الكتابة والإخراج والرسم الصحفي والعمل الإداري، حتى بلغ رصيده أكثر من 80 معرضًا خاصًا، غير المعارض الدولية والمحلية التي شارك فيها، بالإضافة إلى عدد من الكتب في مجالات الإبداع المختلفة منها مجلد ضخم عن الفنان محمود سعيد.
ويرى داوستاشي أن كل ما يفعله في المجال الإبداعي هو مرحلة واحدة؛ فهو عطاء متنوع إلا أنه متسق شكلا ومضمونًا فيما يريد أن يعبر عنه، ومظاهر التنوع التي تبدو في أعماله مرجعها أساسًا إلى إيمانه بحرية الفنان وعدم تقيده وتقييده باتجاه فني ما، وهذه سمة الفن الحديث منذ انطلاقته في أوائل القرن الماضي؛ فالفنان المعاصر يتسم بالشمولية، إنه يرسم وينحت وينفذ أعماله بالطباعة، ويصمم ديكورات للمسرح، ويكتب، ويخرج أفلامًا كان آخرها الفيلم الذي عُرض في الافتتاح التجريبي لمكتبة "الإسكندرية"؛ فالفن إن لم يكن متعة وبه قدر من اللعب والاكتشاف والابتكار يفقد اهتمامه به، وهو شخصيًا لا يحب أن يكون أسير أسلوب واحد أو إيقاع واحد، ولكنه يحب أن تكون خلف كل أعماله شخصية واحدة هي شخصيته الفنية التي كوّنها ويطوّرها خلال عمره الفني.
مارس داوستاشي الكتابة بأشكالها المختلفة،فهو يؤمن بقوة اللغة الكامنة في الكلمة، وبقدر ما كان يرغب في أن يكون تشكيليًا رغب بنفس القدر أن يكون كاتبًا، ولو لم تكن لديه مشاكل في اللغة تحدثًا وكتابةً لكان إبداعه في مجال الكتابة أكثر، ولكنه اكتفي بكتابات تجريبية في الشعر والرواية والمسرح والقصة القصيرة والسيناريو، وكلها كتابات تشكيلية - أو هكذا أُطلق عليها، ثم رأي أن يركز جهده في الدراسات النقدية التشكيلية، واهتم بصفة خاصة بالحركة الفنية في الإسكندرية منذ نشأتها حتى الآن.
اتخذت لوحات داوستاشي شكلاً جديدًا يميل إلى السريالية، وهي دائمًا مشحونة بالرموز والعناصر غير المنطقية وبألوانٍ قوية، وقد تحول رسمه إلى نوع من التصوف الديني، ودواستاشي كثير التغير والتحول، يهوى جمع الأشياء القديمة واستخدامها في تشكيلاته المجسمة التي دائما ما تتضمن سخرية وانتقادا مريرا للعديد من المظاهر الاجتماعية. تطيح لوحات دواستاشي بالقوالب والأنماط بحثا عن خصوصيته الذاتية وهويته المتراوحة بين الملحمة الشعبية والسيرة القديمة، وما وراء الغيب الذي يشكل المعرفة اليقينية.

الخميس، 22 يناير 2009

القويضي ...والتشكيل بالفوارغ والمهملات


مكعبات يسري القويضي الورقية عالم من الألوان والتكوينات التي تعزف مقطوعة وجدانية

قلم وعدسة :عادل فضالي-مصر

الفن لعب، لكنه لعب جميل، هذا ما يؤكده أعمال الفنان المصري يسري القويضي ، فمن الفوارغ والمهملات ونفايات الأشياء استطاع القويضي أن يخلق حالةً فنيةً جديدة ومختلفة من حيث اللون والتكوينات المعمارية للعمل ومن حيث أيضًا المواد المستخدمة، فالفنان هنا يصنع تكوينات لونية متعانقة لها حس معماري هندسي لأنه يختصر الأشكال في المربعات والدوائر والمستطيلات والمثلثات ويحقق بخيالٍ جامحٍ تكوينات مكتملة لها روح خاصة ودلالة درامية. استخدم الفنان الكتلة المجسمة وهو استخدام جديد داخل إطار اللوحة كما لعب بعلب كرتون وقطع بلاستيكية مستديرة مجسمة، وجاء استخدامه للعلب الكرتونية بوجهيها المجوف والمصمت وهو ما أضفى بعدًا لونيًا خاصًا للتكوين النهائي لينبئ عن المعنى الكلي للعمل ملخصًا في رمزية اللون. كما تبرز اللوحات حالة التباين الفني بين كثرة التفاصيل المستخدمة في الوحدات التشكيلية وبين التجريد الشديد في الشكل العام للوحة. يعزز ذلك ألوان الفنان ذات الطابع الصريح وهي ألوان محملة بإيقاعٍ راقصٍ ممتلئ بالبهجة برغم أنها ليست من جنس واحد، فتجده يضع الأزرق والأحمر والأخضر والأصفر بشكل متجاور ليصنع من تشكيلها الهندسي المحدد انسجامًا مفاجئًا لعالم من الألوان والتكوينات التي تعزف مقطوعة وجدانية تؤكد أن الفن لعب جميل.
فن أوريجامي الياباني
والفنان السفير يسري القويضي (القويضي:تصغير قاضي) من مواليد الإسكندرية (10/3/1940)،عمل مساعدًا لوزير الخارجية.. مثل مصر في العديد من بلدان العالم ومنذ عشر سنوات تفرغ للعمل الفني واللعب بالأوراق المطويّة والملونة.. ذلك الفن الذي تعلمه وعشقة خلال عمله في اليابان البلد الشهير بهذا الفن المعروف عندهم بالأوريجامي.
فقدم باقة مميزة من أعماله عبر مراحل متفاوتة سواء مما أبدعها خلال عمله بالسلك الدبلوماسي أو بعد ابتعاده عنه وتفرغه للفن والكتابة ­فقط ­ وقد اختص رحلته مع الورق المطوي الملون، ­بداية من ،1998 وحتى اليوم ­ بالجزء الأكبر من معروضاته.. فهي الأهم والأكثر تميزًا وتفردًا والتي لا ينافسه فيها أحد من المصريين.
ويقول الناقد كمال الجويلي: إن موهبة هذا الفنان وحاسته الجمالية ظلت تلاحقه منذ طفولته، وتكشفت منذ مراحل دراسية الأولى . ولهذا فإن الملابسات والظروف التي أعاقت تخصصه في الفن ودفعته دفعاً إلى طريق الدبلوماسية ، لم تقضى على جيشان الرغبة في الإبداع ... ووجدت هذه المشاعر مع القراءات العديدة في مجالات الفن ومدارسه وتاريخه واتجاهاته ، وزيارات المتاحف العالمية خلال عمله الدبلوماسي ـ شرقاً وغرباً ـ المقابل الكامل والفرصة العريضة لتحقيق ( الذات الفنية ) وأكثر مما كان يطمح إليه في البداية ومنذ الطفولة ... هذا ما تقوله أعماله التي عرضت من قبل ، وحتى معرضه الذي قام على عنصر الزجاجات والحوار بينها من خلال خلفية ولون وضوء...
وقدم الفنان السفير يسري القويضي للمكتبة العربية أعمالاً هامة وهي: كتاب ( التشكيل بالفوارغ ) سبتمبر 2003 م:32 صفحة(بالعربية والإنجليزية)، كتاب ( الهروب إلى واحة الفن) إبريل 2004 م:104 صفحة(بالعربية و تعليقات بالإنجليزية) :وفيه تنقل بين الدبلوماسية والفن،كتاب(رحلة مع اللوحات والذكريات والأفكار)2006م:(بالعربية وتعليقات بالإنجليزية)،وقدم في العام المنصرم 2007م: 70 صفحة:كتاب (صفحات من حقيبتي غير الدبلوماسية) مقالات في الفن.

مساحات من النور في البنور





الخطيب ...ومساحات من النور في البنور


أعمال فتحي الخطيب مساحة مسكونة بإيحاءاتٍ لا نهائية من اختلافِ الضوءِ الساقطِ على الزجاج الملون


قلم وعدسة:عادل فضالي -مصر
تنوعت أعمال الفنان فتحي الخطيب فيما بين نسماتِ ودفءِ الطبيعة، ولوحات مرصعة بكسر الزجاج الملون. رحلة إلى رحاب الطبيعة، يستوحى منها بإحساسٍ مرهف وصادق، السحاب وعذوبة النيل الخالد وانحناءة أغصان الشجر وسخونة الرمال والصخور، مستخدمًا خاماته المفضلة يسجل انطباعه لما تحتويه الطبيعة في أي مكانٍ معبرًا عن الحقيقة والخيال بلغة الألوان . تستقبلنا لوحات الفنان فتحي الخطيب بترحاب دافئ نرى فيها المساحات والخطوط . وقد صاغها بالألوان في تكوينات تتجلى فيها قدرته على الجمع بين العمل الفني وبين شاعريةٍ هامسةٍ تضفى وميضًا أخاذًا على الملامح والأشكال . معالجًا بعمق طبيعة الأشياء في مصر بألوانها الزاهية، وسطحها الذي يغلب عليه الطابع الرملي وسماءٍ ساحرةٍ نستشعر منها الإحساس بكثافة الهواء في المنظر الطبيعي ويشعر كل من يشاهد لوحات الفنان فتحي الخطيب بجمال الحياة : سحر النور وهمس الظلال ، حيث الخيال والتلقائية الذي يتحد مع اللون ليحقق عالمه الخاص في أشكال نجد فيها تمازج الأبعاد الحالمة الشفافة بالألوان الطازجة، مما يجعل لكل منظر مذاقًا خاصًا فنجدُ مسطحاتِ الخضرة المنبسطة في الحقول التي تتنوع خضرتها.
شارك الفنان فتحي الخطيب(من مواليد القاهرة في:31/1/1928) بأعماله منذ تخرجه من كلية الفنون التطبيقية عام 1950 وحتى الآن، في الكثير من المعارض الجماعية وله مقتنيات في متحف الفن الحديث ولدى الأفراد في الداخل والخارج . والفنان يحترم ويحافظ على مظهر وجمال الطبيعة ، وما يحتويها من عناصر جمالية مختلفة.فقد أثبت قدرة فائقة من خلال جرأته في إسقاط ألوانه ، حيث اختلطت في أعماقه فأبدعها في لوحات تمتزج بين الخيال والواقع يشع من عناصرها الحس الموسيقي وهذا المعرض جزء من حصاد رحلة فنية بدأت بعد تخرجه من كلية الفنون التطبيقية والمعهد العالي للتربية الفنية عام 1952 ، وامتدت مع رحلة العمل بالتدريس والتوجيه في مجال التربية الفنية حتى عام 1986 . ثم تفرغ الفنان فتحي الخطيب للإنتاج الفني حتى الآن ... حيث يسعى الفنان في جميع لوحاته للكشف عن الطاقة الجمالية الكافية في المكان والخامة . قدم لنا فتحي الخطيب لوحات عن رؤيته الفنية للبيئة المصرية والمناظر الطبيعية .. بها حلول جمالية يثرى بها رصيده الفني . ويتمثل ذلك بما يضيفه على لوحاته من صفاء ذهني وخيال.
ثم يدهشنا الفنان فتحي الخطيب حينما استوقفه في مدخل فرن بلدي شعبي كمية من كسر الزجاج الملون بأحجامٍ وأنواعٍ مختلفة .. فتأملها وأوحى إليه المشهد برؤيةٍ جديدة ... بفكرةِ استخدام هذا الزجاج في إنتاجِ أعمالٍ فنيةٍ تشع تكويناتٍ لونية مبتكرة نتيجة انعكاسات أشعة الشمس عليها وتبلورت في خياله صياغة جديدة في الأداء.. وصاحبت هذه الرؤية الجديدة إحساس عميق غمر حواسه وأسعده كثيرًا.. فقد يكون في هذا الجديد انطلاقة للتحرر من الأساليب والخامات التقليدية والاندفاع نحو آفاق متطورة في التعبير . واتسمت لوحاته بتطبيق رؤيته الجديدة وجاءت لوحاته تتسم بالتجريد بتكويناتٍ لونية متناغمة وأحيانا متصارعة.. مطعمة بكسر الزجاج الملون المختلف ألوانِِهِ وأشكالِهِ وهكذا حقق النجاح بإضافة خامة لها لمعة، وبريق له جاذبيته، بالإضافة إلى الانعكاس الضوئي في حالة تسليط الضوء الطبيعي أو الصناعي على العمل..الأمر الذي يستوقف المتلقي للتأمل والخيال والبحث عن وسائل الربط بين التكوينات اللونية والزجاجية والسعي لتلمس المعنى المنشود واستقبال الرسالة الموضوعية للعمل ككل .
وقد سبق أن علق الفنان الراحل حسين بيكار على أعمال الفنان بأنه نبع جديد من الصفاء والغناء الكرواني الذي يصدح في كل لمسة . وأضاف أ.د محمود البسيونى ( عميد كلية التربية الفنية سابقًا ) إن إبداعه التقني امتدادًا للتأثيرية يحتفظ فيها بالأصل الطبيعي وفى نفس الوقت يحلل المساحات اللونية إلى تنظيمات مثيرة من ناحيتي الحركة والتوافق اللوني . يقول الفنان فتحي الخطيب : بعد فترة طويلة من الالتزام بالأساليب والخامات التقليدية... جاءتني الفرصة مؤخرًا لأتحرر من تلك القيود التي أسرتني وحدت من حركتي ... فانطلقت لآفاقٍ واسعة متطورة حركت في نفسي شعورًا وأحاسيسَ جديدة… وقد حدث ذلك عندما صادفت في مدخل فرن بلدي شعبي أكوابًا من كسرِ الزجاجِ الملونِ بأحجامٍ وأنواعٍ مختلفة تنتظر الصهر لإعادة تصنيعها وتشكيلها وقد أوحت لي تلك الصورة بإمكانية استخدمها في أعمالٍ فنيةٍ جميلةٍ مبتكرة تموج بالضوء وانعكاساته عندما يطل من العمل الفني في هيئة تلك التشكيلات الزجاجية .. وعندما عزفت على أوتار التجديد لم أتخلص تماما مما استوعبته في داخل المدارس الفنية المختلفة خلال مشوار حياتي الفنية.. فيأتي العمل الجديد مستلهما الماضي ومستشرفاً المستقبل.. ويصبح العمل الفني مساحة مسكونة بإيحاءات لا نهائية من اختلاف الضوء الساقط على الزجاج واختلاف مواقع نظره المتلقي من اللوحة.
إنها تجربة إبداعية لتلاقى الشكل اللوني والخامة الزجاجية المجسمة في متغيرات جمالية من أجل التعبير... توصل إليها الفنان من خلال خبرته وممارساته الفنية التي تعد بحثاً في التعبير والشكل والخامة... حيث يسعى الفنان فتحي الخطيب في جميع لوحاته للكشف عن الطاقة الجمالية الكامنة في المكان والخامة.

الأربعاء، 21 يناير 2009

القيم الجمالية في الزخرفة الإسلامية


القيم الجمالية في الزخرفة الإسلامية
كتب:عادل عبد المنعم الدمرداش
رغـم استفـادة المسلمين فـي فـن الزخـرفة في بعض عناصره مـن حضارات الإغـريق والرومـان القديمة ،إلا أن المسلميـن طـوَّروا بـل وَبلْـورُوا نـمـطـاً فـنياً جديداً ، كما يـبـدو ذلك للعيـان في الزخرفـة والعمـارة.
وحقيقـةً فقد ذاع صيت الفـن الإسلامي أكثـر فيما يتعلـق بالزخـرفـة وفنـونها ،أكثـر من غيره من الفنون الأخرى كالتشكيلية مثلاً.
ومع كل ذلك ،فإن جميع الزخـارف الإبـداعـيـة الإسلامية كانت تشمـل كل مجالات الحيـاة وكل المـواد والأحجـام مع تـوظيـف كل التقنيـات المتوفـرة آنئـذٍ.وكانت هنالك أربعـة عناصــر رئيسية لهـذا الفــن هي:الخط العربي،الزخـارف النباتية،الأبعـاد الهندسيـة ثم الأشكـــال والأنـمـاط الجمالية.
هذه العناصـر تشكل في نهاية المطـاف زخـرفة غـزيرة فيَّـاضة،والتي تجعـل المـرء يشعــر بالخـوف أمام فضـاء فارغ أو ظـاهـــرة ما يسمـى بـ "الخـوف الأجـوف".
وعلم الهندسـة مهمٌ ومهـمٌ جداً في الفن المعماري الإسلامي،إذ أن هذا الفــن سُـخِّـر لإثبات وحـدانيـة الله سبحانـه وتعالى. وقد استخدمت الدوائر المتقنــة المضبوطة كمعيار نموذجي مما يفسـح المجال في إبداع موضوعات فرعيـــة ذات صلة بالموضوع الأصلي.
أمـا في الرسم فقد طبِّـقت مبادئ الإعــادة التناظـــرية والتكثيـر أو التقسـيــم أو كليهـمـا معاً،حيث تـمَّ التعامل مع الرسـم كَـفـَـنٍ عقــلاني ذهـــني أكـثــر مما هــــو عاطفي انفعالي طبقاً لمبادئ الرياضيـات.وقد استخدمت في هـذا الفــن إطـارات ذات خطـوط مـتـشـعــبـــة ومتقاطعة فيما بينها البين ومكونة أشكالاً كالمُعيَّـن أو أشرطة ضـفـائـــريـــة، منعطفات ،رسوم تعرجية وشطرنجية وعقد وروابط مكونـة فيما بينها نجـوم.
ويعتمد هذا الفن على تكرار عناصر بسيطة متشابكة أو معقدة للحصول على معايـيـر تستخـدم كنمـاذج زخرفية .ثم يتـم إعـادة هـذا النمـوذج بالتنـاظـر حسب الـذوق أو الحـس الفـني،وتتم متـابعـة هذه النتيجـة بصفـة دينـاميكـيــة ومتنـاسـقـة،بحيث لا تطـغى التفاصيـل على الأصـل العام ولا تضــارب ولا اضطـراب بين الموضوعات وهو ما يسـمى بظاهــرة التـــوازن الحسـي.فالتـكـرار اللا متنــاهـي للمواضـيع ما هـو إلا عـبـارةً عـن استعارة سرمدية أزلـيـة تمـلأ كـل ما حولنـا،بـل وصيغـة تعـبِّـر عـن قابـليـة هـذا الكـون للتغـيّـر وعدم الثبـات.
وعموماً الدين الإسلامي الحنيف يحـرم تصويـر ذوات الأرواح كالإنسان والحيوان ،ولا سيما في دور العبـادة كالمساجد والجوامع ،إلا أننا نجد في القصور الأندلسية مناظـر ضخمة للصيد سواء أكانت من الفسيفسـاء أو لوحات تصويرية عملاقة:ففي الحمامات نرى مناظـراً ممتعـة لطـيفـة وأحياناً غير محتشمـة ،كما هو الحال في قصـر عمـرة أو مُـزينة بفسيفساء صيد أو مطاردة ولوحات رمزية .
إن المتفحص- للفنون الإسلامية والمتمثلة في الزخارف والنقوش- لا يحتاج إلى كثير من التأمل ليلحظ تلكم الوحدة العامة التي تطبع هذه الزخارف والنقوش الإبداعية وهي حقا ً ما يميز الفنون الإسلامية عن غيرها من الفنون الأخرى ، وهذا الطابع الذي يصبغ هذه الكنوز النفيسة بصبغة واحدة هو ما جعلها على الدوام شاهداً على تفوق الحضارة الإسلامية وقدرتها على التميز .
نشأة الزخارف الإسلامية
أن نشأة هذه الزخارف ومردها ومنبعها هو الإسلام والعروبة ولم يتأثر هذا الفن بالتقاليد والعقائد التي تحكم وتطبع غيره من الفنون الأخرى في الحضارات الأخرى ، فلا غرو أن نجد إذاً خلو هذه النقوش والزخارف الإسلامية والأشكال الهندسية عبر القرون من ذوات الأرواح من إنسان أو حيوان أو غيره من الكائنات ، كما أن هذه الزخارف وقفت صامدة عبر الأزمنة المتعاقبة لا تتأثر بما حولها من البلدان المجاورة كالأسلوب الإغريقي مثلاً ، والذي سبق هذا النموذج الإسلامي في الوجود ، وهذا ما جعل الأسلوب الإسلامي يتمتع بالتفرد والسيادة على مر العصور محافظاً على خصوصيته وتميزه ، وعدم ذوبانه في الآخر .
مميزات الزخرفة الإسلامية
هناك جملة من المميزات والخصائص التي تميز الزخرفة الإسلامية نذكر منها المميزات التالية:
1- العناية بالتجديد والابتكار والاعتماد على التطوير المباشر دون النقل .
2- البعد عن التقليد والتصنع في العديد من الأعمال الزخرفية المختلفة في العمارة والمجالات الأخرى .
3- الأصالة في أغلبية الأعمال وهي تعتبر من الأعمال الفطرية لدى الرسام والفنان المسلم .
4- المبالغة في استعمال الألوان الفطرية دون الدمج بينهما إلا في بعض الحالات القليلة .
5- التأثر الواضح بالعقيدة الإسلامية السمحة حيث نلاحظ ولله الحمد عدم وجود الرسوم الزخرفية التي تشمل ذوات الأرواح وعموم الكائنات الحية وخاصة في الرسوم التي بداخل المساجد .
6- البعد عن التجسيم حيث لا تستهدف الزخرفة الإسلامية البعد الثالث كما هو الحال في بعض الزخارف في الفنون الأخرى ، ولكنها تركز على بعد آخر وهو البعد أو العمق الوجداني والذي نشاهده بصفة دائمة تقريباً في زخرفة الأبواب الإسلامية المنتشرة في الكثير من المساجد والقصور القديمة وأيضاً الحديثة .
وتتمثل العناصر الزخرفية لعموم الزخرفة الإسلامية في :
1- الزخرفة النباتية .
2- الزخرفة الهندسية.
3- الزخرفة الخطية .
نماذج طرز الزخرفة الإسلامية
تتعدد الطرز والطرائق والأنماط التي تميز كل عصر وزمان عن غيره من الأزمنة وتبعاً لتعدد هذه الطرق كان هذا التنوع ،ونذكر منها ما يلي:-
1- الطراز الأموي : ويقف الجامع الأموي نموذجاً من نماذج العمارة الإسلامية الفريدة في هذا العصر .
2- الطراز العباسي : حيث تعتبر مدينة سامراء النموذج الواضح لأسلوب الطراز العباسي والتي بناها المعتصم 836 م.
3- الطراز المغربي : ولعل أوضح مثال له هو قصر الحمراء بغرناطة بالأندلس .
4- الطراز المصري السوري : حيث بلغ فن الحفر والنقش والزخرفة في الأواني والتحف والأشغال الخشبية ذروته في هذين القطرين .
5- الطراز الأيوبي : وهو نسبة إلى عصر الأيوبيين الذين حكموا مصر وسوريا ، وانتشر فيه نماذج متعددة من الزخارف .
6- الطراز المملوكي :وهو كذلك في سوريا ومصر حيث انتشرت الكثير من القصور والمساجد والمدارس التي اشتهرت بالأشكال النجمية التي تتبع للزخارف الهندسية .
الطراز الأمَـــوي

نشأ الفن الإسلامي في عصر بنى أمية، وكان الطراز الأموي - الذي ينسب إليهم- أول الطرز أو المدارس في الفن الإسلامي، فلما جاءت الفتوحات العربية، وامتدت الدولة الإسلامية واتسع نطاقها، واختلط العرب بأمم ذات حضارة زاهية أثروا في هذه الأمم كما تأثروا بهم.اتخذ بنو أمية مدينة دمشق عاصمة للعالم الإسلامي، وكانت السيادة الفنية في عصرهم للبيزنطيين والسوريين وغيرهم من رجال الفن والصناعة الذين أخذ عنهم العرب الفاتحون، وقام على أكتاف الجميع الطراز الأموي في الفن الإسلامي، وبذلك فهو طراز انتقال من الفنون المسيحية في الشرق الأدنى إلى الطراز العباسي، على أن هذا الطراز كان متأثرًا إلى حد ما بالأساليب الفنية الساسانية التي كانت مزدهرة في الشرق الأدنى عند ظهور الإسلام.وهكذا كانت العناصر الزخرفية لهذا الطراز مزيجًا من جملة عناصر ورثها عن الفنون التي سبقته، فبينما تظهر فيه الدقة في رسم الزخارف النباتية والحيوانية، ومحاولة تمثيل الطبيعة وغير ذلك مما تميزت به الفنون البيزنطية، نجد تأثير الفن الساساني في الأشكال الدائرية الهندسية وبعض الموضوعات الزخرفية الأخرى كرسم الحيوانين المتقابلين أو المتدابرين تفصلها شجرة الحياة المقدسة أو شجرة الخلد.
الطراز العباسي

هو الطراز الثاني من الطرز الإسلامية، وينسب إلى الدولة العباسية التي قامت في العراق، فانتقلت السيادة في العالم الإسلامي منذ ذلك الحين إلى العراق، فكان من الطبيعي أن يتخذ الفن الإسلامي اتجاهًا جديدًا، لأن الأساليب الفنية الإيرانية غلبت عليه الطابع الإيراني على الأدب والحياة الاجتماعية.والواقع أن هذا الطراز، الذي يعتبر أول مرحلة واضحة في تاريخ الفن الإسلامي أخذ الكثير من أصوله عن الفن الساساني، كما أن الحفائر التي أجريت بمدينة سامرا -التي كانت عاصمة للخلافة بين عامي 222 و276 هـ (836 - 889م)- كان لها كل الفضل في الكشف عن منجزات هذا الطراز الذي بلغ أوج عظمته في القرن الثالث الهجري (9م) وظهر أثره في الإنتاج الفني في مختلف الأقطار الإسلامية في القرنين الثالث والرابع بعد الهجرة (9-10م).ويمتاز الطراز العباسي، كما تمتاز الأساليب الفنية المأخوذة عنه ومنها الطراز الطولوني في مصر، بنوع من الخزف له بريق معدني كانت تصنع منه آنية يتخذها الأغنياء عوضا عن أواني الذهب والفضة التي كان استعمالها مكروها في الإسلام لما تدل عليه من البذخ والترف المخالفين لروح الدين الإسلامي. هذا فضلاً عن استخدام الجص بكثرة في تهيئة الزخارف حتى أصبح من المواد ذات الصدارة في هذا الطراز الإسلامي. والتحف التي تنسب إلى هذا الطراز متأثرة إلى حد ما بالأساليب الفنية الساسانية، وأكثر ما يظهر هذا في التحف المعدنية وفى المنسوجات التي كانت تصنع في العراق وإيران في القرنين الثاني والثالث الهجريين (8،9م). كما أن طريقة حفر الزخارف في الخشب أو الجص اتخذت طابعًا خاصًا كان وقفًا على هذا الطراز دون غيره وهى طريقة الحفر المائل أو منحرف الجوانب.والخلاصة أن الموضوعات الزخرفية التي تتمثل في هذا الطراز يظهر فيها التحوير والتنسيق والبعد عن الطبيعة وتنحصر عناصرها في الأشرطة والجدائل والأشكال الحلزونية والخطوط الملتوية وكلها مرسومة بوضوح وحجم كبير.
الطراز الفـــاطمي

فتح الفاطميون مصر سنة 358 هـ (969م) واتخذوها مقرًّا لخلافتهم فقام على يدهم الطراز الفاطمي وازدهر في مصر والشام.وقد وفق الفاطميون في دقة التصوير والحركة دقة لم يصبها الفنانون في مصر من قبلهم، كما كثر رسم الإنسان والحيوان على التحف التي ترجع إلى عصرهم، وازدهر فن التصوير، ولعل خير النماذج في فن التصوير والنقوش المرسومة على الجص التي وجدت على جدران الحمام الفاطمي بمصر القديمة.وللتحف الخزفية الفاطمية لمعان وبريق أخاذ، أما تغير ألوانها فمرجعه البريق المعدني الذي تمتاز به، أما الزجاج فلم تكن زخارفه في بداية العصر الفاطمي تختلف كثيرًا عن زخرفته في عصر الطولونيين ولكنها أخذت تتطور بعد ذلك في خطوات سريعة ليكون لها الطابع الفاطمي الخاص، ومن أرق المصنوعات الزجاجية الفاطمية وأكبرها قيمة فنية الزجاج المزين بزخارف ذات بريق معدني. وقد استخدم الفاطميون البللور الصخري في عمل كئوس وأباريق، وعلب وصحون، وفنجانين وأطباق، وقطع شطرنج وأختام وزجاجات متنوعة الأشكال، وكانت تزين بزخارف مقطوعة قوامها حيوانات أو طيور أو فروع نباتية مرسومة بدقة وانسجام فضلاً عن كتابات دعائية.أما المنسوجات الفاطمية فقد كانت عناية الخلفاء بها عظيمة، كما أصاب النساجون أبعد حدود التوفيق في توزيع ألوانها واختيارها حتى صارت منتجاتهم آية في الجمال والإتقان، كما كان ابتكارهم عظيما في الرسوم والزخارف النباتية التي صورت بدقة سواء في تفرعها أو إلتواءاتها، وقد كانت هذه المنسوجات ترسم في أشرطة. وقد كانت هذه الأشرطة تنحصر أحيانًا بين سطرين في الكتابات الكوفية أحدهما عكس الأخر، ثم أخذت هذه الأشرطة تتسع وتزداد عددًا حتى أصبحت تكسو سطح النسيج كله.أما الخشب فلدينا من تنوع الزخارف وجمال الصناعة، ما لم يصل إليه الفنانون بعد ذلك، وحسبنا محراب السيدة رقية والأبواب الفاطمية الضخمة المزينة برسوم آدمية وحيوانية وطيور، وقد تحفر الرسوم أيضا على مستويين مختلفين، وهو أسلوب يدل ولا شك على براعة الفنان ومهارته.
الطراز المملــوكي

يعتبر عصر المماليك 648-923هـ (1240-1517م) من أزهى العصور في تاريخ الفنون الإسلامية في مصر، فقد كان الإقبال عظيما على صناعة التحف النفيسة كما طغت الثروة الفنية على منتجات هذا الطراز من مختلف المواد.وقد كان لصناعة التحف النحاسية المكفتة بالذهب والفضة منزلة خاصة لدى المماليك، وقد وصل إلينا من هذا العصر تحف معدنية عظيمة من أبواب وكراسي وصناديق ومقلمات، وتمتاز بما يبدو عليها من خطوط نسخية تشير إلى اسم السلطان وألقابه أو إلى العبارات الدعائية التي يسجلها الصانع على التحفة المقدمة إلى الأمير أو السلطان، هذا إلى جانب بعض الزخارف الهندسية متعددة الأضلاع ومن بينها أطباق نجمية مملوكية.وأبدع ما وصل إليه صناع الزجاج المسلمون في العصر المملوكي يتجلى في المشكاة المموهة بالمينا، وأشكال هذه التحف الزجاجية وأحجامها وهيئاتها.وذاعت في العصر المملوكي زخرفة الحشوات بالتطيعم، وذلك بإضافة خيوط أو أشرطة رفيعة من العاج أو الخشب النفيس كانت تكسى بها التحف المختلفة، كالأبواب والمنابر، هذا فضلا عن ازدهار صناعة الشبكيات من الخشب المخروط التي كانت تستعمل فى صناعة المشربيات والدكك والكراسي.ومن الصناعات الدقيقة التي حذقها الفنانون في عصر المماليك صناعة الفسيفساء الرخامية وتتكون من مكعبات صغيرة من الرخام مختلفة الألوان وتعشق في الأرضية على هيئة الأشرطة أو المعينات أو المثلثات أو الخطوط المتقاطعة والمتشابكة، وكان أكثر استعمالها في المحاريب والوزارات بالمساجد.وازدهر في عصر المماليك الخط النسخ واحتل مركزًا ساميًا وصار من أهم العناصر الزخرفية على التحف من معدن وخزف وعاج ونسيج، كما استخدموه في كتابة المصاحف المملوكية التي كانت تكتب للسلاطين لتوقف بأسمائهم في المساجد.
الطراز المغــــربي

يبدأ الطراز المغربي الصحيح في الأندلس والمغرب على يد دولة الموحدين، ويلاحظ أن الزعامة الثقافة في العالم الإسلامي المغربي كان مركزها في الأندلس في عصر الدولة الأموية الغربية وفى عصر ملوك الطوائف، ثم انتقلت هذه الزعامة إلى مراكش في نهاية القرن 11م.ومن أبدع العمائر التي خلفها لنا هذا الطراز قصر الحمراء بغرناطة الذي يعود إلى القرن الرابع عشر الميلادي، ويمتاز بجمال مبانيه ورشاقة أعمدته ذات التيجان المزخرفة بالمقرنصات، والجدران المغطاة بشبكة من الزخارف الجصية والكتابات الجميلة.ومن المنتجات الفنية التي ازدهرت في الطراز المغربي تجليد الكتب وصناعة التحف الجلدية عامة، أما صناعة الخزف فقد ازدهرت في الطراز المغربي أيضًا.ويعتبر الطراز المغربي أقرب الطرز إلى الطراز المملوكي.
الطراز التــركي

سقط السلاجقة في القرن 8هـ/ 14م، وآل الحكم في آسيا الصغرى إلى آل عثمان الذين استطاعوا الاستيلاء على القسطنطينية سنة 857هـ /1453م، ولعل خير ما أنتج الترك من أنواع الفنون تظهر واضحة فيما خلفوه من تحف الخزف والقيشاني والسجاد والأقمشة الحريرية والقطيفة والمخطوطات.أما الخزف التركي فيمتاز بألوانه الجميلة وما فيه من رسوم الزهور والنباتات، أما السجاجيد التركية فهي تعد بحق من أبدع الفنون الشرقية، والتي تمتاز بالزخارف الهندسية البحتة، وسجاجيد الصلاة الصغيرة النفيسة ويمتاز معظمها برسم محراب في أرض السجادة.
الطراز الهنــدي

يعتبر الطراز الهندي أقرب الطرز إلى الفن الفارسي، وقد تبلورت شخصية الطراز الهندي اعتبارا من القرن السادس عشر، وأصبح له طابع مميز وظواهر معمارية خاصة، أما التصوير فقد امتاز بهدوء الألوان والقرب من الطبيعة ورسم الصور الشخصية، وتمتاز العمائر الهندية باستخدام العقود الفارسية، والمآذن الأسطوانية، والقباب البصلية، والزخارف الدقيقة.وهكذا وعلى مر كل تلك العصور نجد أن الفن الإسلامي كان يتميز دائمًا بأنه فن يخدم الحياة في كل أساليبه وطرقه، وأنه خلق لأجل متعة الإنسان المسلم، ولأجل تذوقه للقيم الجمالية أينما كان، ولهذا ظلت الفنون الإسلامية باقية معنا حتى يومنا هذا نستخدمها في حياتنا ونتمتع بما بقي من آثارها السابقة من عمائر وتحف وأوانٍ ذات قيم جمالية وفنية عالية.
ويزخر التاريخ بنماذج لتخطيط المدن مثل المدن التالية :
1- مدينة الفسطاط
2- مدينة سامراء
3- مدينة بغداد
4- مدينة فاس
5- مدينة الكوفة
وقد تحدث بشيء من الإيجاز عن بناتها وما يميز كل مدينة من جماليات والمعالم التي تحويها.
معالم زخرفية تاريخية
وهناك معالم خالدة في الزخرفة الإسلامية لا تزال تقف شاهدة على العصر بروعتها وجمالها ومن هذه المعالم :
1- قصر اشبيلية
2- مئذنة الحلوية ( تلمسان )
3- مئذنة المنصورة
4- باب المنصور ( مكناس )
5- قصر الحير الشرقي والغربي في سوريا
6- جامع الزيتونة
7- مدرسة القرويين
8- قرطبة / المحراب الجامع الكبير
9- الحدباء / المئذنة
10- جامع المتوكل
إن وحدة الفنون الإسلامية التي نلمسها في منتجات وعمائر البلاد الإسلامية من أقصى المغرب في مراكش العربي إلى أقصى المشرق في إيران والهند أمر يدعو إلى الدهشة، ويثير الرغبة في البحث عن الأسباب والدوافع التي أدت إلى هذه الظاهرة الفريدة، لأن هذه الأقطار في أصولها التاريخية مختلفة في: اللغة وأصول الجنس البشرى والعادات والعقيدة؛ وبالتالي فهي مختلفة في مظاهرها الحضارية كطرز المباني الدينية والمدنية، وأدوات الحياة اليومية.وقد أجمع الباحثون والدارسون على أن العقيدة الإسلامية التي انتشرت في هذه المنطقة الشاسعة بسرعة غريبة، كانت ذات أثر قوي في تحقيق هذه الوحدة؛ بحيث تغلبت على فوارق الجنس والتقاليد الوطنية المتوارثة. ولعل السر الكامن في قوة وفاعلية العقيدة الإسلامية أنها ليست قاصرة على العبادات؛ وإنما هي نظام للحياة: نظام يقوم على دعامات قوية ومتينة في المثل والقيم والمبادئ. وأن هذه العقيدة تمتد إلى شئون الفكر والآداب والعادات والمعاملات، وهناك عامل آخر هو أن القرآن الكريم أُنزل باللغة العربية، وأصبحت عاملاً مشتركًا ورباطًا مميزًا في كل أعمال الفن، وبخاصة أن كراهية تمثيل الكائنات الحية جعل للغة العربية منزلة خاصة، وهكذا أصبحت اللغة العربية والكتابة عاملين جوهريين في كل ما أُبدع من أعمال فنية في مشرق العالم الإسلامي ومغربه، وهناك عوامل أخرى ساعدت على تكوين وحدة الفنون الإسلامية الزخرفية، منها تجميع العمال والفنيين من مختلف البلاد الإسلامية للتعاون في إقامة المنشآت العامة: كالمساجد الجامعة أو قصور الخلفاء؛ فعندما استقرت الخلافة الأموية في دمشق وضع نظام لاستيراد المواد الخام، واستقدام الأيدي العاملة الممتازة من كافة أنحاء الدولة، وكان المعلمون من المصريين والسوريين والفرس والروم يعملون جنبًا إلى جنب يتعاونون في تحقيق حركة البناء النشطة التي كانت تتزايد مع الأيام.ويعتبر المسجد رمزاً للفن الإسلامي؛ فهو مكان بسيط على شكل مربع أو مستطيل مستمد من المسجد الأول للرسول (صلى الله عليه وسلم) بالمدينة المنورة، وقد انعكست بساطة العقيدة، وعدم وجود قرابين أو تأليه لشخصيات دينية على المسجد؛ فكان -ولا يزال- بسيطًا في تخطيطه وتجهيزاته، ويُزين بالآيات القرآنية والزخارف النباتية والهندسية المجردة، وأصبحت مسئولية المهندس المعماري المسلم تأكيد الهيكل البنائي بإثرائه بالزخارف النباتية المجردة والهندسية، والخط العربي بأنواعه. كما حرص الفنان المسلم على إثراء هذه البساطة المعمارية بالتنويع في الخامات المستعملة، فهو عندما يُقسِّم السطوح الموجودة أمامه على جدران المسجد إلى مساحات مختلفة الأشكال يملأ كل مساحة بعناصر زخرفية نباتية مجردة أو هندسية، كما يستعمل الحجر والرخام والجص والفسيفساء وبلاطات القيشاني بحثاً عن القيم الجمالية التي تتميز بها كل خامة، ذلك إلى جانب فتحات النوافذ التي تشكل بدورها علاقة جمالية مع الجدران، وتزين في نفس الوقت بالزجاج الملون الذي يضفي على المكان روعة وجمالاً. هذا الأسلوب لم يكن قاصرًا على المساجد وحدها؛ بل يمتد بزخارفه المتعددة ونوافذه المُحلاة بالزجاج الملون إلى البيوت والقصور وإلى جميع أنماط العمائر الإسلامية، فهو أسلوب عام لكل الإنتاج الفني الإسلامي بما في ذلك المنتجات الفنية الصناعية التي يستعملها الإنسان في حياته اليومية.
الصور المقترحة للموضوع
زخارف من الأماكن الآتية:
الجامع الأموي- قصر الحمراء بغرناطة- محراب السيدة رقية- الخزف التركي-السجاد التركي- قصر اشبيلية- قصر الحير الشرقي والغربي في سوريا -جامع الزيتونة- مدرسة القرويين -قرطبة / محراب الجامع الكبير- الحدباء / المئذنة- جامع المتوكل.


المــــــــــراجع
الكاتبة إيلينا سارناغو نوتيبولو. (الزخرفة في الفن الإسلامي) portal: clio.rediris.es 1.
الكاتبة إيلينا سارناغو نوتيبولو. (علم الزخرفة الإسلامية) portal: clio.rediris.es 2.
3. الفن العربي portal: www.artehistoria.com
الإرث الأندلسي) ( portal: www.legadoandalusi.es4.
portal: www.cyberspain.com 5.
6. قراءات نقدية في الزخرفة الإسلامية - تأليف : عبد الله سعيد مكني الغامدي
7. الطرز الإسلامية الفـن في خـدمة الحـياة- هيام السيد
8. فنون إسلامية العين تسمع.. والأذن ترى..!! - هيام السيد

علم المسكوكات الإسلامية

علم المسكوكات الإسلامية
كتب: عادل عبد المنعم الدمرداش
علم المسكوكات Numismatics ( النُّميات ): هو العلم الذي يهتم بدراسة تلك القطع من المعدن المصهور أو المطروق التي تصدرها السلطة الحاكمة، على اختلاف أنواعها من دنانير ذهبية ودراهم فضية وفلوس نحاسية . لحسن الحظ فإن النقود أكثر بقاء من الشعوب والأماكن التي مثلتها. لقد ذهب الأنباط، وكذلك الإمبراطورية الرومانية، وغيرها من الدول ، فالمسكوكات تستطيع أن تعيد لمخيلتنا صوراً حية لإمبراطوريات ودول اندثرت منذ زمن بعيد، وذلك من خلال الصور الجميلة الرائعة التي نُقشت عليها. وهكذا تعد المسكوكات الإسلامية مصدر مهم من مصادر التاريخ الإسلامي، فهي وثائق صحيحة يصعب الشك فيها لكونها أحدى شارات الملك أو السلطان . وفيما يلي عرض لأهمية دراسة علم النميات هذا العلم الشيق .
أهمية دراسة علم المسكوكات الإسلامية• من الناحية السياسية :
كانت النقود إحدى شارات الحكم والسلطان ، والتي يحرص كل حاكم على اتخاذها بمجرد توليه الحكم بعد أن يعتلي عرش دولته ، وتتجلى أهمية النقود من الناحية السياسية فيما سجل عليها من أسماء خلفاء وملوك وحكام وأمراء وولاة ، كما أن تصنيف هذه النقود يساعد على دراسة الأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي ، وضبط تواريخ حكمها بصورة دقيقة . كما أن تسجيل مدن الضرب على هذه النقود يوضح امتداد نفوذ كل حاكم ، والأقاليم الخاضعة له .
• من الناحية الدينية والمذهبية : حملت النقود العربية الإسلامية ملامح العقيدة الإسلامية منذ تعريبها على يد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان سنة 77هـ ، حيث نقش عليها البسملة والشهادة آيات من سورة الإخلاص ، كما سجل على النقود العربية الإسلامية الشعارات الخاصة بالمذاهب الإسلامية المختلفة ، فعلى سبيل المثال : نجد أن حكام الدولة الفاطمية الشيعية المذهب قد سجلوا على نقودهم العديد من العبارات التي تعكس أفكار ومبادئ المذهب الشيعي مثل :
( عليّ ولي الله ) ، ( عليّ أفضل الوصيين ووزير خير المرسلين ) • أهمية النقود من الناحية الاقتصادية : نجد أن النقود الذهبية كانت هي النقود الرئيسية في كثير من دول العالم الإسلامي وهي بذلك تعكس الحالة الاقتصادية للدول التي سكّتها ، لأن ارتفاع وزنها ونقاء عيارها كان دليلا على الازدهار الاقتصادي لتلك الدول كما هو الحال في العصر الطولوني والفاطمي ، كما أن انخفاض وزن النقود وتدهور عيارها كان دليلا على تدهور الحياة الاقتصادية في الفترة التي ضربت فيها كالذي حدث في العصر المملوكي الجركسي.
• أهمية النقود من الناحية الاجتماعية :
إن النقود الإسلامية قد عبرت عن الكثير من مظاهر الحياة الاجتماعية التي تشهدها حكومات الدول المختلفة مثل الزواج والمصاهرة وحالات المرض والوفاة والمصالحة ، حيث كانت تضرب هذه النقود تخليداً لتلك المناسبات المهمة ، وكانت توزع كنقود صلة وهدايا على أولي الأرحام وكبار القواد ولأمراء ، وكان ذلك يتكرر بكثرة خلال عصر الدولة الفاطمية . ومن أمثلة النقود التي ضربت في مناسبة وفاة : نقوداُ نحاسية ضربها السلطان الظاهر برقوق حاكم المماليك الجركسية وذلك سنة 799 هـ سجل عليها ( كفى بالموت واعظاً ) وذلك لوفاة أبنه الصغير الأمير شعبان في ذلك العام .
• الخط العربي :
إن النقود العربية الإسلامية مدرسة لتعليم ودراسة الخط العربي وتطوره حيث ورد عليها كتابات بالخط الكوفي وأنواعه المتعددة وكذلك ورد عليه كتابات بالخط النسخ وأنواعه ، وكانت النقود في هذا الشأن من أهم مصادر دراسة الخط العربي ومعرفة مراحل تطوره المختلفة .
• من الناحية الفنية :
ظهر على النقود الإسلامية زخارف نباتية وهندسية استخدمت كهوامش وفواصل بين الكتابات . كما ظهرت على النقود بعض الرسوم الآدمية والحيوانية التي كانت ترمز - في الغالب – إلى الخلفاء والحكام . ولا شك في أن الزخارف أياُ كان نوعها فهي تعد وسيلة مهمة من وسائل تأريخ النقود .
وبذلك فإن النقود تسد ثغرات عديدة في التاريخ الإسلامي.
كما تعتبر المسكوكات الإسلامية من أهم الوثائق التي تمدنا بمعلومات صادقة ودقيقة ، تساعدنا في دراسة التاريخ الإسلامي من جميع جوانبه المختلفة الدينية ، والسياسية ، والاقتصادية ، وتعكس لنا بصدق مدى ما وصلت إليه الدولة الإسلامية من رقي وتقدم . والنقود الإسلامية بما تحمله من أسماء الخلفاء والملوك والسلاطين إضافة إلى سنوات السك المدونة عليها، تساعدنا في تصحيح العديد من الهفوات ، وسد الثغرات في لوائح تسلسل الأسر الحاكمة لمعظم الدول الإسلامية وفي عصورها المختلفة، كذلك ضبط فترات حكمها بكل دقة ووضوح .ويمكننا من خلال أسماء مدن السك الواردة على النقود الإسلامية معرفة مدى امتداد النفوذ السياسي لكل دولة ، ولكل حاكم بعينه ، إضافة إلى ذلك فإن المسكوكات العربية الإسلامية باختلاف أنواعها تعد أهم مصدر لدراسة وتتبع مراحل تطور الخط العربي خلال العصور الإسلامية ، لا سيما و أن السكة إحدى شارات الملك الثلاث (السكة، الدعاء له في الخطب على المنابر، نقش اسمه على الطراز) وبالتالي فهي تفيدنا بمعرفة نوعية الخط الرسمي المعتمد من لدن ديوان الخلافة أو السلطنة أو نحوها، كذلك فإن المسكوكات الإسلامية تساعدنا في دراسة تطور العناصر الزخرفية؛ هندسية كانت أم نباتية ، إضافة إلى الرسوم الآدمية والحيوانية .من هنا بدأ الاهتمام بدراسة النقود بصفة عامة والإسلامية بشكل خاص منذ نهاية القرن الثامن عشر، وظهر نتيجة لهذا الاهتمام الكبير العديد من الدراسات المتخصصة ، وأضحى هذا العلم من العلوم الأساسية التي ترتكز عليها معظم الدراسات التي تتناول مختلف أوجه الحياة البشرية . وغدا علم النميات ، وهو العلم الذي يبحث في النقود، والأنواط ، والأوسمة والأختام ، والأوزان . له رواده الذين أبدعوا في إبرازه ، وتدعيم أركانه ، وتسهيل العقبات أمام عشاقه وهم كثر. فمنهم من بذل المال والجهد لجمع مادته وهي العملات ، ومنهم من اختص بصيانتها وفهرستها وحفظها في أوعية خاصة بها، ومنهم من قضى وقته في دراستها، ومعرفة ما تحمله من خفايا التاريخ ، ومنهم من ذهب لإشباع هوايته باقتنائها أو الاتجار بها، أو إقامة المعارض لها، إضافة إلى ذلك فإن الاهتمام لم يقتصر على الأفراد فحسب بل تعداه للعديد من الجهات العلمية والبحثية والجهات ذات الاختصاص بالنقود كالبنوك المركزية ، وذلك بتكوين مجموعات من المسكوكات وإبراز أهميتها بدراستها، ونشرها، وعرضها، ناهيك عن ظهور العديد من الجمعيات والأندية المختصة بعلم النميات والتي يزيد عمر بعضها عن مائة عام .استمر ظهور الدراسات والمصنفات المتخصصة بالنقود الإسلامية طيلة القرن التاسع عشر، وأدرك علماء الغرب أهمية هذا العلم ، فظهر الكثير من الدراسات والمصنفات التي عنيت بمجموعات المتاحف ومراكز البحث ، إضافة إلى الأبحاث الدقيقة التي اهتمت بدراسة نقود العديد من الأسر الحاكمة على امتداد رقعة الدولة الإسلامية ، لذلك فإنه يسجل لهؤلاء العلماء والباحثين الغربيين فضل السبق في إنشاء هذا العلم وإبراز أهميته ، وفتح الباب للباحثين من بعدهم.
في المقابل ، نجد أن الأعمال العربية في هذا المجال ، لم تظهر إلا عند منتصف القرن العشرين الميلادي، عندما قام الأب (أنستاس الكرملي) بجمع أهم ما دونه الأدباء والمؤرخون المسلمون عن النقود في كتابه الموسوم بـ (النقود العربية وعلم النميات ) ختمه بفهارس اشتملت على المصطلحات والمسميات الخاصة بالنقود. أما الدراسات العربية المتخصصة فلم تظهر إلا بعد ذلك ، عندما قام ناصر النقشبندي بدراسة النقود الإسلامية المحفوظة في المتحف العراقي، ونشر العديد من المؤلفات والدراسات المتخصصة في المسكوكات الإسلامية ، في حين قام عبد الرحمن فهمي بدراسة مجموعات النقود الإسلامية ، و صنج السكة بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة ، منذ فجر الإسلام وحتى منتصف القرن الرابع الهجري، هذا إلى جانب العديد من البحوث والدراسات المتخصصة في السكة الإسلامية.بعد ذلك ظهر العديد من الدراسات العربية المتخصصة في المسكوكات الإسلامية ، وبرز عدد من الباحثين المتخصصين في بعض الدول العربية ، الذين حملوا على عاتقهم إبراز هذا العلم ، ومنحه أكبر حيز من الاهتمام في عالمنا العربي.وعلى الرغم من ذلك ، تظل المكتبة العربية فقيرة للدراسات العربية التي تتناول المسكوكات الإسلامية ، فالمتوفر منها لا يشبع نهم الباحث ، ولا يعين هواة جمع المسكوكات بصفة عامة والإسلامية بشكل خاص ، ولهذا فقد حرصنا على إخراج هذا المصنف الذي يتناول مراحل تطور الدينار عبر العصور الإسلامية من خلال ما تيسر جمعه واقتناؤه على مدى سنوات طويلة ، حتى تكونت مجموعة كبيرة من الدنانير الإسلامية التي تغطي معظم العصور الإسلامية وتنتمي للعديد من الأسر الحاكمة.إن مجموعة الأستاذ عبد المجيد المحمد الخريجي من الدنانير الذهبية . التي تتناولها الدراسة ، تتمتع بقدر كبير من الأهمية التاريخية والمادية على حد سواء، فهو لم يحرص على اقتناء النادر فحسب ، بل كان حريصا جدا على اقتناء أندر النوادر المتمثلة في دنانير هذه المجموعة ، مما يدلل بشكل كبير على الجهد والوقت الكبيرين اللذين بذلهما صاحب المجموعة في سبيل اقتناء هذه النماذج الفريدة من الدنانير الإسلامية ، والتي يمثل كل نموذج منها مجموعة بحد ذاتها، لما تحمله من معلومات تاريخية مهمة .إن هذه المجموعة تتميز كما أسلفنا، بثراء غير عادي من القطع الذهبية النادرة من المغرب الإسلامي بدءا من النقود العربية اللاتينية وحتى نقود أشراف مراكش ، كذلك مصر وبلاد الشام ، والعراق ، وإيران ، وتركيا، ومعظم الأقاليم الشرقية للدولة الإسلامية والتي تتمثل في هذه المجموعة بالعديد من القطع الرائعة والنادرة جدا . ناهيك عن ما تشتمل عليه هذه المجموعة من دنانير نادرة جرى سكها في بعض مدن الجزيرة العربية ، وتمثل الدنانير الرائعة المضروبة في عثر من أهم المجموعات الذهبية المحفوظة في مجموعة خاصة ، ولعل أروع ما في هذه النماذج تلك الدنانير الوحيدة على مستوى العالم التي تشتمل عليها هذه المجموعة .وانطلاقا من أهمية هذه المجموعة ، وإيمانا بإضافة لبنة جديدة لصرح الدراسات العربية في المسكوكات الإسلامية ، فقد لمعت فكرة إصدار هذا المصنف بشكل مغاير للدراسات السابقة ، يكون الهدف منه مزدوجا، بحيث يخدم الباحثين والمختصين في هذا المجال من جهة ويكون عوناً ومساعدا لهواة جمع المسكوكات الإسلامية (الدينار الإسلامي) من جهة أخرى، وذلك بتعريفهم بأهمية هذا العلم ، وتمكينهم من التمييز بين الدنانير النادرة وسواها، ومحاولة تيسير قراءة ما تحمله الدنانير الإسلامية من عبارات وأسماء وألقاب ومدن وتواريخ سك جعلت من بعض الدنانير الإسلامية مصنف تاريخ بحد ذاته .وعلى هذا الأساس تم اختيار قطع هذه المجموعة المعنية بالدراسة بكل دقة وعناية من بين العديد من الدنانير الأخرى. وجرى ترتيبها وتصنيفها وفق التوزيع التاريخي للدول الحاكمة التي تمت ناولها كل دولة على حدة ، وذلك بعرض نماذج دنانيرها وفق التسلسل التاريخي لحكام تلك الدولة ، ومعتمدين على أساس اختيار مدن سك نادرة ومتعددة تجاوز عددها ثمانين مدينة سك تمثل معظم مدن السك المهمة . كذلك محاولة عدم تكرار بعض القطع التي تنتمي لحاكم واحد ومدينة سك واحدة ، إلا إذا كان ذلك الدينار يتميز عن غيره .اعتمدت هذه الدراسة على منهجية موحدة ، وذلك بإيراد نبذة تاريخية عن كل دولة على حدة تستعرض أهم الأحداث التاريخية التي شهدتها تلك الدولة ، ثم بعد ذلك تناول التطورات النقدية التي طرأت على الدينار الإسلامي خلال فترة حكمها وذلك باستثناء بعض الأسر التي اكتفينا بإيراد جدول حكامها ووصف دنانيرها. يلي ذلك الدراسة الوصفية لدنانيرها الذهبية وذلك بوضع صورة وجه الدينار وظهره ، والتي حرصنا أن تكون أكبر من المقاس الطبيعي للدينار، رغبةً في جعل المعلومات المدونة عليه تبدو أكثر وضوحا، وبالتالي يمكن قراءتها بكل يسر وسهولة .وقد صحب الدراسة الوصفية دراسة تحليلية لأهم الأسماء والألقاب ومدن السك، وذلك بالتعريف بها قدر المستطاع ، كذلك عمل جدول يتضمن تسلسل حكام كل دولة وتاريخ بداية ونهاية حكم كل منهم بالتواريخ الهجرية معادلة في الوقت نفسه بالتواريخ الميلادية . كذلك لإتمام الفائدة بالنسبة للهواة فقد تم وضع لائحة في آخر هذا المصنف احتوت على أسماء مدن سك النقود الإسلامية مرتبة على حروف المعجم ، باللغتين العربية والإنجليزية ، وموقعها الجغرافي بالنسبة للدول القائمة في وقتنا الحاضر، إضافة إلى لائحة أخرى تشتمل على بعض الرموز والمصطلحات ومعانيها، والتي عادة ما يستخدمها المشتغلون بعلم النميات ، والتي بدورها تفيد الهواة الراغبين في التعامل مع المزادات العالمية المتخصصة بالعملات.
-------------------------المصادر والمراجع
• د/ حسن الباشا : الألقاب الإسلامية- ( دار النهضة العربية - القاهرة - 1998 ). • د/ خلف فارس فجيج الطروان : المسكوكات وقراءة التاريخ ( مطابع وزارة الثقافة – الأردن – 1994 ). • دانييل أوستاش : المسكوكات العربية الإسلامية ( المكتبة الوطنية بباريس). • د/ رأفت محمد النبراوي : النقود الإسلامية منذ بداية القرن السادس وحتى نهاية القرن التاسع الهجري ( مكتبة زهراء الشرق – 2000 ) . • ريتشارد بلانت : النقود العربية الإسلامية ، ترجمة بسام سروج و إبراهيم سروج ، ص23 ( طرابلس - 1994 ) .
روابط ومواقع مهمة:http://www.postpoems.com/
http://www.altareekh.com/
عملات عربية نادرة /http://www.altareekh.com
الصور المرفقة بالموضوع لابد أن تؤخذ من الموقع التالي:
مرجع صور المسكوكات http://islamiccoins.ancients.info/









فنون زخرفة وصبغ المنسوجات المصرية عبر التاريخ

فنون زخرفة وصبغ المنسوجات المصرية عبر التاريخ
كتب: عادل عبد المنعم الدمرداش
منذ أقدم العصور، زين المصريون ملابسهم ومنسوجاتهم، وذلك باستخدام الخيوط المصبوغة أو القماش المصبوغ والنسيج المطبوع والخرز والثنيات والتطريز وحياكة قماش فوق آخر، بالإضافة إلى أشكال الزخارف المختلفة.
زخرفة الثياب المصرية القديمة
يعتقد الكثيرون بأن قدماء المصريين كانوا يرتدون ثيابا بسيطة. وكثيرا ما كانت الثياب تستخدم كخلفية لحلي معقدة، ولكنها كانت تلعب أيضا دورا مكملا. وكانت الحليات من الخرز والوريدات والترتر تثري مظهر الثياب. والوريدة هي حلية أو شارة مصنوعة من الشريط أو الحرير المطوي أو المجمع على نحو يشبه الوردة. واستخدم الخرز، خاصة على شكل الحلي، عبر الحضارة المصرية؛ من عصور ما قبل التاريخ، فصاعدا: ولكن عثر عليها أحيانا وقد حيكت في الثياب، كما أنها كانت في النادر تنسج في القماش. وقد أصبح التطريز شائعا في بداية فترة القرون الوسطى؛ وإن كان قد عثر على قصاصات قليلة يرجع تاريخها إلى عصر الأسرات. و"الأبليك" من الطرز الفنية الأخرى التي ظهرت في الدولة الحديثة، وارتبط عادة بالثياب الملكية. والأبليك طريقة لتثبيت زخرفة في قطعة نسيج أكبر. ومن أشكال الأبليك ما ينطوي على استخدام أنواع مختلفة من الضفائر لزخرفة الثياب. وأحيانا ما تكون للضفائر أهداب بطول الحواف؛ وفي تلك الحالة كانت الضفائر توضع على الحواف الخارجية لقطعة القماش. وفي غيبة الأهداب، فإن الضفائر كانت تحاك عبر القطعة أو على الحواف. وكانت الثياب تزخرف أيضا بالطيات، ويرجع تاريخ أقدم مثال لذلك، وهو لثوب زين أفقيا بالطيات؛ إلى الدولة القديمة. ومن الأمثلة بالغة التعقيد، ثوب بالمتحف المصري يحمل ثلاثة أنواع مختلفة من الطيات. فهذا الثوب مزخرف بمجموعة من الطيات البسيطة التي تفصلها سنتيمترات قليلة؛ ومجمعة من الطيات المتقاربة المتلامسة؛ وجزء بطيات على شكل سلسلة سمك الرنجة. وفي هذا النوع الأخير تظهر طيات خطوط رأسية على أبعاد منتظمة، ثم طيات خطوط أفقية تشكل معا أشرطة بها شارة أو حلية؛ أو زخرفة تتخذ شكل الرقم (8). كما طليت عدة قطع من الكتان، باقية من الدولة الحديثة وما بعدها؛ وتحمل رسوما بأشكال تتباين درجاتها من التعقيد.
صبغ الأقمشة في مصر القديمة
يمكن تعقب تاريخ استخدام صباغة الخيوط أو الثياب، مؤقتا، من قطعة قماش كتاني بنية اللون عثر عليها في طرخان، وترجع إلى الأسرة الأولى. ومن المؤكد أن صباغة الثياب كانت معروفة في أواخر الأسرة الثالثة أو أوائل الأسرة الرابعة؛ على أساس قصاصة قماش حمراء اللون من موقع ميدوم، وإن لم تنسج الثياب بانتظام من خيوط ملونة: حتى عصر الدولة الحديثة. ويمكن تقسيم مواد الصباغة في مصر القديمة إلى نوعين أساسيين: أصباغ المغرة والأصباغ النباتية. والمغرة هي طينة صلصالية مخلوطة من الأرض تتكون من أكسيد الحديد أو الصدأ. ويتحول أكسيد الحديد الأصفر، بفعل الحرارة (الحرق)، إلى أكسيد الحديد الأحمر؛ كما يمكن أن يستخدم لتكوين ألوان الأصفر والأصفر-البني والأحمر. ولصبغ الكتان بأكسيد الحديد تاريخ طويل في مصر، ربما يرجع إلي بداية عصر الأسرات؛ من قماش طرخان. وقد عثر أيضا على كتان مصبوغ باللون الأحمر لصبغة من أكسيد الحديد، في عدة مواقع أخرى أحدث؛ من بينها قرية العمال في تل العمارنة. وقد استخدمت عدة طرق لصباغة الثياب في عصر الأسرات؛ أقدمها طريقة "التلطيخ"، وفيها يوزع اللون في الثياب، ربما بمساعدة الطين أو الصلصال أو العسل. كما استخدم قدماء المصريين أيضا عملية تسمى بالصباغة المزدوجة؛ وفيها تصبغ الألياف والخيوط أو الثياب أولا بلون معين، ثم تصبغ ثانية بلون آخر: للحصول على لون ثالث. فاللون الأرجواني، مثلا، يتكون من اللونين الأحمر والأزرق؛ بينما يتكون اللون الأخضر باستخدام اللونين الأصفر والأزرق. وقد قام المصريون بصباغة خيوط الغزل أو الأقمشة المنسوجة. ومن الممكن أن تُلاحظ أحيانا مساحات بيضاء، في القماش المنسوج، أسفل الأماكن التي مر فيها الخيط الرأسي فوق خيط أفقي. وكان التبييض أيضا وسيلة فنية للزخرفة؛ لأن ارتداء ثوب أبيض كان لدى المصريين القدماء من دلالات الوضع الاجتماعي، وربما أيضا كدليل على النظافة.
التغيرات في أنماط زخرفة المنسوجات المصرية
استخدم المصريون الخامات، وخاصة الكتان، من العصور المصرية القديمة وحتى العصر البيزنطي. واحتفظت العناصر الزخرفية بالتأثير المصري القديم في مصر البيزنطية، ومنها علامة الحياة "العنخ" التي حلت محلها "الجاما"، وهي صليب محور. كما مثلت الطيور على نحو شبيه بالأسلوب المصري القديم. وسرعان ما تأثرت زخارف المنسوجات بالإسلام؛ فلم تعد للأشكال دلالاتها الرمزية الدينية التي كانت لها من قبل، وأصبحت مجرد عناصر زخرفية. وعلى خلاف الحال في مصر البيزنطية، حيث صور بطاركة الكنيسة وغير ذلك من المواضيع الدينية، نهى الإسلام عن رسم المخلوقات الحية؛ فلا توجد سوى أشكال آدمية قليلة من تلك الفترة. وقد رسم الفنان المسلم المخلوقات الحية؛ من طيور وحيوانات وبشر؛ بأسلوب تجريدي. وبدأت أنماط زخرفية أخرى في الظهور، خاصة منها أنواع الخطوط العربية، في عدد كبير من الأقمشة. وكانت تلك الزخارف جميعا تقريبا محصورة في الآيات القرآنية، أو اسم المزخرف وتاريخ إتمام العمل. واستخدمت أيضا تصميمات زخرفية نباتية تعرف تحت اسم "أرابيسك" كثيرا في الأقمشة. ومع تغير مواضيع التصميمات، تغيرت كذلك الخامات المستخدمة. فلقد كان الصوف محظورا في مصر، لأن القساوسة كانوا يعتبرونه نجاسة؛ فلم يرتدوا الثياب الصوفية. وفي مصر الإسلامية أصبح الصوف من أكثر الأقمشة استخداما بعد الكتان. ومن ناحية أخرى، فإن الحرير الذي استخدم بكثرة في العصر البيزنطي لم يعد مستحبا، وأصبح استخدامه محصورا فقط في حدود ما سمحت به الشريعة الإسلامية. واستخدمت خيوط الحرير لزخرفة الأقمشة الأخرى؛ ولكن فقط بنسب محدودة.
أساليب زخرفة المنسوجات الإسلامية
تعد الزخرفة بالطباعة والصباغة من الطرق الصناعية التي عرفتها مصر في العصر الإسلامي والتي كان لها جذور منذ العصر الفرعوني ثم في العصر البطلمي ثم الروماني واستمرت في العصر القبطي. وكانت عملية الطباعة تتم بواسطة قوالب مصنوعة من الخشب تحفر عليها الزخارف المراد طباعتها ثم تغمس في الأصباغ وتطبع على قطع النسيج. إذا كانت الزخارف المحفورة على القالب بارزة فإنها تظهر على النسيج بلون الأصباغ المستعملة، أما إذا كانت الزخارف غائرة على القالب الخشبي فإن الزخارف تأخذ نفس لون النسيج بينما يأخذ الإطار المحيط بها لون الأصباغ المستخدمة. أما الشمع فكان يستخدم لتغطية المساحات والزخارف التي لا يراد صباغتها بلون معين. ومن مواد الصباغة التي استعملها صناع المنسوجات عدة أصباغ طبيعية، وتنقسم مواد الصباغة التي استخدمت في أوائل العصر الإسلامي إلي قسمين: القسم الأول وهى بعض الأصباغ النباتية، ومن أهمها الأهرة، وهي صبغة صفراء تميل إلى الاخضرار، والزعفران، والعصفر، والكركم، والشلجم وهو نبات عصارته حمراء داكنة. والكركم هو نبات استوائي ينتج عن طحن جذرة لون أصفر. والقسم الثاني، وهي بعض الأصباغ الحيوانية، وتؤخذ من بعض الحشرات والديدان، مثل اللعلى وهي صبغة حمراء تؤخذ من حشرة تنمو على أشجار صمغية، وصبغة حمراء تؤخذ من الدودة القرمزية. ولقد ورد أسماء عدد من الصباغين الذين زاولوا مهنة الصباغة، مثل أحمد بن إبراهيم الصباغ، الذي توفى سنة 351 هـ/1132م، وعبد الغنى بن جعفر الصباغ، وغيرهم الكثير. كما كانت تتم زخرفة المنسوجات أيضاً بالتطريز بعد أن يتم صناعتها، وتستخدم إبرة الخياطة في عمل غرز التطريز وتستخدم فيها خيوط من مادة أغلى من مادة قطعة النسيج، وتستخدم الخيوط الحريرية من أنواع متعددة في أغلب الأحيان. واستمرت هذه الطريقة في مصر حتى نهاية العصر العثماني. ومن أساليب الزخرفة أيضاً، الزخرفة بالإضافة. ويتم هذا النوع من الزخرفة بإضافة قطع صغيرة من النسيج على مساحة كبيرة تختلف عنها في اللون وفى المادة في أغلب الأحيان. ويتم تثبيتهم بواسطة إبرة الخياطة وبغرز مختلفة. ويشتهر هذا النوع من الزخرفة في مصر باسم "الخيامية" والذي أطلق فيما بعد على المنطقة التي يتركز بها صناع هذا النوع من المنسوجات وهى منطقة الخيامية. كما استخدمت الإبرة في التطريز والإضافة وغيرها من مراحل إعداد المنسوجات.

أساليب الزخرفة على النسيج الإسلامي
تعددت الموضوعات الزخرفية التي ازدانت بها المنسوجات الإسلامية، وتنوعت تلك الزخارف فيما بين زخارف كتابة عربية وتكوينات هندسية، ونباتية، وزخارف كائنات حية آدمية أو طيور وحيوانات، أو كائنات خرافية مركبة فى بعض الأحيان. وحين نتأمل تلك الزخارف نجد أنها ترمز إلى مدلولات عديدة. فبعضها ذو مدلول سياسي كالكتابات العربية التي تزين المنسوجات الملكية، والتي تسمى بالطراز وتشير إلى أسماء الخلفاء والحكام والسلاطين. وكانت تلك الكتابات تمثل أحد الرموز الهامة التي تشير إلى سلطة الحاكم فهي أحد شارات السلطة في العصور الوسطى. وبعض الكتابات الواردة على قطع النسيج تمثل عبارات دعائية. كما أن بعض هذه الزخارف، وخاصة الزخارف النباتية المتعددة، تشير إلى مدى الحس الفني الذي بلغه الفنانون في العصر الإسلامي. كما تشير إلي مدى مقدرتهم على الدمج بين العديد من أنواع النباتات والأزهار والأفرع النباتية، وإظهارها بشكل جذاب يخطف الأنظار. ومما يدل على تلك المهارة الفنية، أن وقف مؤرخو الفنون أمام الزخارف النباتية المورقة ولم يجدوا اسما يطلقوه عليها غير اسم العرب فأسموها "أرابيسك". وكانت زخارف الكائنات الحية على المنسوجات تعكس الحياة اليومية للفنان، والبيئة من حوله. ومن هذه الزخارف مشاهد للحيوانات التي تقع عليها عينه وهى في أوضاع متعددة كأن تكون متتابعة، أو في وضع مطاردة، أو انقضاض، أو غيرها من الأوضاع. وفى بعض الأحيان يدمج الفنان بين جميع أنواع الزخارف على قطعة النسيج الواحدة، حيث نجد الأشكال الهندسية وبداخلها رسوم طيور وحيوانات، ورسوم زخارف نباتية مع الزخارف الكتابية أيضا.
حياكة المنسوجات الإسلامية
استخدمت أساليب متنوعة في صناعة وزخرفة المنسوجات الإسلامية في مصر واستخدم النساجون الأنوال الأفقية والرأسية في عملهم والتي استخدمت منذ العصور القديمة حتى الآن. ومن أهم هذه الأساليب النسيج ذو اللحمات غير الممتدة (القباطى):- وهذه الطريقة تستخدم اللحمات غير الممتدة أي التى لا تمتد بعرض قطعة النسيج، وقد استخدمت هذه الطريقة فى صناعة المنسوجات التى اشتهر بإنتاجها المصريين من قبل دخول الإسلام، واستمرت فى مصر الإسلامية إلى نهاية العصر الفاطمي وظل هذا الاسم يطلق على هذه الطريقة الفنية سواءً كان الصانع قبطيا أو مسلما واستعمال كلمة قباطى يوضح أن التسمية كانت نسبة إلى مصر وليس إلى طائفة معينة، وذلك مثل النسيج الدمشقي نسبة إلى دمشق، و نسيج موسلين هو من الموصل. وكان هذا النوع من المنسوجات يستخدم فى صناعة كسوة الكعبة المشرفة فى مكة. النسيج ذو اللحمة الزائدة طريقة استخدمت فى صناعة وزخرفة المنسوجات، وتنشأ زخارف اللحمة الزائدة من ظهور واختفاء خيوط اللحمة الممتدة في عرض المنسوج، وتقاطعها مع خيوط السدى ويوجد نوعان من زخارف اللحمة الزائدة منها الحقيقية والتقليدية والفرق بينهما أن في زخارف اللحمة الزائدة الحقيقية توجد لحمة أخرى بلون يخالف لون الأرضية تتخلل اللحمات الأصلية لتكون الزخرفة بينما فى زخارف اللحمة الزائدة التقليدية لا يوجد سوى اللحمة الأصلية. وأسلوب آخر استخدم فى صناعة وزخرفة نسيج وهو نسيج الزردخان وهو أبسط أنواع المنسوجات المركبة من حيث الناحية الصناعية، ويمتاز بظهور ألوان اللحمة على وجهي النسيج واختفاء خيوط السدى به اختفاء تاما، ويستخدم في صناعته لحمتان أو أكثر بألوان متباينة مع إعداد سداتين تختفي إحداهما اختفاءً تاما بين لحمات سطحي المنسوج. ومن الجدير بالذكر أن الزردخان كلمة فارسية تعنى دار السلاح ويرجح أنها أطلقت على هذا النوع من المنسوجات لأن الدروع المصنوعة من الزرد وغيرها من الأسلحة كانت تغطى بطبقة من نسيج سميك مزركش من الحرير الأصفر والأحمر.






المصادر والمراجع
1.تاريخ الطرز الزخرفية- أحمد يوسف،عزت مصطفى.
2.الزخرفة المصرية القديمة- أحمد يوسف، يوسف خفاجي.
3.الفن الإسلامي-أرنست كونك- بيروت 1966.
4.فن التصوير في مصر الإسلامية-د.حسن الباشا-دار النهضة العربية-القاهرة-44 ش طلعت حرب.
5.الفنون الإسلامية-م.س.ديماند- ترجمة:أحمد محمد عيسى-مراجعة وتقديم: د.أحمد فكري-دار المعارف-مصر-ط.أولى أغسطس 1954-ط.ثانية –يوليو 1958.
6. المنسوجات والألبسة العربية في العهود الإسلامية الأولى تأليف: صالح أحمد العلي- الناشر: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر- تاريخ النشر: 01/04/2003
روابط ومواقع مهمة:
http://www.eternalegypt.org/
http://www.kenanah.com/
http://www.emuseum.gov.eg/
www.islamonline.net/
www.islamset.com/

مفاهيم الجمال في العمارة الإسلامية

مفاهيم الجمال في العمارة الإسلامية
كتب: عادل عبد المنعم الدمرداش
إنّ العمارة هي فن البناء(حسب تعريف القاموس)،وبذلك فهي من الناحية التحليلية تعتبر فناً وعلماً،ولكن بالنظرة التكاملية تعتبر فناً.وما العلوم الهندسية والتقنية سوى أنها من وسائل التنفيذ.إنّ العمارة هي التي تأوي الإنسان ونشاطه في المجالات الروحية والمادية كافة على المستويات الفردية والجماعية من وقت أن يولد إلى أن يموت،فهي تشمل جميع المباني الدينية والدنيوية،الحضرية والريفية،السكنية والعامة،الثقافية والتجارية إلخ...
الجمال في العمارة
قد يذهب بعض الناس إلى أنّ الشعور بالجمال يعتبر أمراً نسبياً،يختلف الحكم فيه بين شخص وآخر.ولكن الجمال كالصحة يتطلب استيفاء شروط خاصة خاضعة لقوانين طبيعية.
إنّ الجمال المعماري في المبنى أو مجموعة المباني التي يتكون منها الشارع والحي والمدينة إنما هي صفة بصرية تنتج من التأثير بالشكل في الشعور بالتوافق بينه وبين القوى العاملة على تكوينه.
العمارة الإسلامية
إنّ العمارة الإسلامية وظهورها وانتشارها يعتبر ظاهرة خاصة تسترعي الاهتمام من حيث الاعتبارات الثقافية،فإنه يمكن القول بأنها قد نشأت وانتشرت طفرة واحدة بالنسبة إلى قصر الزمن الذي أخذه الطراز الإسلامي في التبلور وفي شموله لمختلف البلاد الإسلامية.
فإنّ الطراز الإسلامي في العمارة لم ينشأ من تفاعل ذكاء جماعة واحدة مع بيئتها الخاصة،إنما من تفاعل ذكاء عدة جماعات مختلفة،قبلية وحضرية من التي اعتنقت الإسلام والتي استوطنت مختلف البلاد.ولما كانت حاجات المسلمين الروحية موحدة فقد أتت أشكالهم المعمارية متشابهة.ومما ساعد على إيجاد التشابه عاملان:العامل الأول جغرافي من حيث إن الطبيعة في البلاد التي انتشر فبها الإسلام متشابهة من حيث المناخ،فهي تقع في المنطقة الممتدة من حدود الهند إلى سواحل المحيط الأطلسي بين خطي عرض 10،35 شمالاً.وهي صحراوية حارة جافة في المعظم والغالب،الأمر الذي جعل حلولهم المعمارية متشابهة أصلاً.
والعامل الآخر سياسي/ثقافي،فإنّ الفتح الإسلامي لم يكن استعماراً بالمعنى الحديث حيث أنّ المسلمين سواسية بلا تفرقة فكان الخليفة هو خليفة المسلمين جميعاً:أموياً كان أو عباسياً أو فاطمياً أو عثمانياً.وقد عني الخلفاء بالعمارة ببناء المساجد والقصور في مختلف البلاد موحدين الطراز مع الفوارق البسيطة الناتجة من اختلاف المناخ أو مواد البناء ونوع حرف البناء التي كانت سائدة في مختلف البلاد قبل دخول الإسلام،ومن ناحية أخرى فإنّ صفة التجريد التي تتصف بها الفنون الإسلامية كانت من العوامل التي يسرت تبادل الأشكال المعمارية والزخرفية بين مختلف الجماعات وكأنها الخط العربي الذي كتب به القرآن الكريم،وقد تحرر المعماري من الكثير من العوامل التي تفرضها البيئة باعتبار المحاكاة للأشكال الطبيعية التي في كل منطقة.وبذلك تيسر التأقلم السيكولوجي أو الروحاني وقد تغلبت صفة التجريد على المحاكاة.
غير أنّ هذا التجريد كما يسر نشأة العمارة الإسلامية وانتشارها بسرعة دفعة واحدة فإنّه كان سبباً في زوالها بسرعة ودفعة واحدة أيضاً.فإنّه بدخول الإنسانية في العصر الحديث،عصر التصنيع،حدثت تغيرات جذرية في الهندسة المعمارية كان من أثرها أن زالت الأشكال التي تبلورت على مر الأجيال وذلك باستعمال المواد الحديثة كالخرسانة المسلحة والصلب والحديد والزجاج والبلاستيك إلخ...التي حلت محل المواد التي كانت تستعمل في البناء في السابق كالحجر والرخام والطوب والخشب الأمر الذي تسبب عنه انقراض معظم حرف البناء التقليدية التي درج عليها صاحب الحرفة في التعبير عن مكنونات وجدانه بطريقة مباشرة ودخلت التقنية الحديثة التي أقحمت نوعاً آخر من التجريد على العمارة ألاّ وهو التجريد الإنشائي وليس الفني.وبذا لم تعد العمارة كعنصر من عناصر الثقافة نابعة من تفاعل ذكاء الإنسان مع البيئة الطبيعية إنما من نتاج تفاعل الإنسان الحديث مع الآلات.وكانت المادية التي تغلب في الحضارة المعاصرة والحضرية على الخصوص.
وتعدد طرائق العمارة الإسلامية وتنوع نماذجها من مبنى لآخر ، إن كان مسجداً أو حصناً ، ويمكن للمتأمل لهذا الفن أن يلحظ الاهتمام الواضح الذي أولاه الأولون للعناية ببيوت الله تعالى ، والتأنق في عمارتها وزخرفتها كونها أفضل البقاع وأشرف الأماكن ، وقد اهتم البناة في تطوير أساليبهم بدءاً من التخطيط الهندسي والتصميم الجميل للمسجد إلى جانب العناصر المعمارية والزخرفية التي تكتنف المبنى وأجزاءه المختلفة من مداخل وقباب ومآذن وأعمدة ونوافذ ، ويقف المشاهد مشدوهاً أمام روعة هذه الزخارف وقوة الخطوط التي يستخدمها الرسام المسلم ، ولعل أروع الأمثلة للعناية ببيوت الله تعالى تتجسد في بيت الله الحرام بمكة المكرمة ، ومسجد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة ، ومسرى سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم حيث الأقصى المبارك ، والمسجد الأموي بالشام والجامع الكبير ببغداد وجامع الزيتونة بتونس .

المسجد في العمارة الإسلامية
ويعتبر المسجد رمزاً للفن الإسلامي؛ فهو مكان بسيط على شكل مربع أو مستطيل مستمد من المسجد الأول للرسول (صلى الله عليه وسلم) بالمدينة المنورة، وقد انعكست بساطة العقيدة، وعدم وجود قرابين أو تأليه لشخصيات دينية على المسجد؛ فكان -ولا يزال- بسيطًا في تخطيطه وتجهيزاته، ويُزين بالآيات القرآنية والزخارف النباتية والهندسية المجردة، وأصبحت مسئولية المهندس المعماري المسلم تأكيد الهيكل البنائي بإثرائه بالزخارف النباتية المجردة والهندسية، والخط العربي بأنواعه. كما حرص الفنان المسلم على إثراء هذه البساطة المعمارية بالتنويع في الخامات المستعملة، فهو عندما يُقسِّم السطوح الموجودة أمامه على جدران المسجد إلى مساحات مختلفة الأشكال يملأ كل مساحة بعناصر زخرفية نباتية مجردة أو هندسية، كما يستعمل الحجر والرخام والجص والفسيفساء وبلاطات القيشاني بحثاً عن القيم الجمالية التي تتميز بها كل خامة، ذلك إلى جانب فتحات النوافذ التي تشكل بدورها علاقة جمالية مع الجدران، وتزين في نفس الوقت بالزجاج الملون الذي يضفي على المكان روعة وجمالاً. هذا الأسلوب لم يكن قاصرًا على المساجد وحدها؛ بل يمتد بزخارفه المتعددة ونوافذه المُحلاة بالزجاج الملون إلى البيوت والقصور وإلى جميع أنماط العمائر الإسلامية، فهو أسلوب عام لكل الإنتاج الفني الإسلامي بما في ذلك المنتجات الفنية الصناعية التي يستعملها الإنسان في حياته اليومية.
وكان المعمار الإسلامي يعتمد علي النواحي التطبيقية لعلم الحيل وهذا يتضح في إقامة المساجد والمآذن والقباب والقناطر والسدود فلقد برع المسلمون في تشييد القباب الضخمة ونجحوا في حساباتها المعقدة التي تقوم علي طرق تحليل الإنشاءات القشرية. فهذه الإنشاءات المعقدة والمتطورة من القباب مثل قبة الصخرة في بيت المقدس وقباب مساجد الآستانة والقاهرة والأندلس والتي تختلف اختلافا جذرياً عن القباب الرومانية وتعتمد اعتمادا كليا علي الرياضيات المعقدة. فلقد شيد البناءون المسلمون المآذن العالية والطويلة والتي تختلف عن الأبراج الرومانية . لأن المئذنة قد يصل ارتفاعها لسبعين مترا فوق سطح المسجد .وأقاموا السدود الضخمة أيام العباسيين والفاطميين والأندلسيين فوق الأنهار كسد النهروان وسد الرستن وسد الفرات .كما أقاموا سور مجري العيون بالقاهرة أيام صلاح الدين الأيوبي وكان ينقل الماء من فم الخليج علي النيل إلي القلعة فوق جبل المقطم . وكانت ساقية تدار بالحيوانات ترفع المياه لعشرة أمتار ليتدفق في القناة فوق السور وتسير بطريقة الأواني المستطرقة لتصل القلعة . تتميز الحضارة الإسلامية بالتوحيد والتنوع العرقي في الفنون والعلوم والعمارة طالما لا تخرج عن نطاق القواعد الإسلامية . ففي العمارة بنى أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي, على نهر دجلة عاصمته بغداد سنة (145- 149 هـ) على شكل دائري، وهو اتجاه جديد في بناء المدن الإسلامية، لأن مـعظم المدن الإسلامية، كانت إما مستطيلة كالفسطاط، أو مربعة كالقاهرة، أو بيضاوية كصنعاء. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن هذه المدن نشأت بجوار مرتفعات حالت دون استدارتها . ويعتبر تخطيط المدينة المدورة (بغداد)، ظاهرة جديدة في الفن المعماري الإسلامي ولاسيما في المدن الأخرى التي شيدها العباسيون مثل مدينة سامراء وما حوته من مساجد وقصور خلافية فخمة. وظهرت مدن تاريخية في ظلال الحكم الإسلامي كالكوفة والبصرة وبغداد والقاهرة والفسطاط والعسكر والقطائع والقيروان وفاس ومراكش والمهدية والجزائر وغيرها . كما خلفت الحضارة الإسلامية مدنا متحفية تعبر عن العمارة الإسلامية كاستانبول بمساجدها والقاهرة بعمائرها الإسلامية وبخاري وسمرقند ودلهي وحيدر أباد وقندهار وبلخ وترمذ وغزنة وبوزجان وطليطلة وقرطبة وأشبيلية ومرسية وسراييفو وأصفهان وتبريز ونيقيا والقيروان والحمراء وغيرها من المدن الإسلامية . وكان تخطيط المدن سمة العمران في ظلال الخلافة الإسلامية التي امتدت من جنوب الصين حتى تخوم جنوب فرنسا عند جبال البرانس. وكانت المدن التاريخية متاحف عمرانية تتسم بالطابع الإسلامي . فكانت المدينة المنورة قد وضع النبي أساسها العمراني والتخطيط حيث جعل مسجده في وسط المدينة ,وألحق به بيته وجعلها قطائع حدد لها اتساع شوارعها الرئيسية. وكلها تتحلق حول مسجده. وجعل سوقها قي قلب مدينته . لتكون بلد جنده. وعلي نمط مدينة الرسول أقيمت مد ن الموصل و الكوفة و واسط بالعراق والفسطاط بمصر لتكون أول بلدة إسلامية بأفريقيا . وقد أقامها عمرو بن العاص كمدينة جند فجعل مسجده في قلبها وبجواره دواوين الجند ودار الإمارة , وحولها قطائع سكنية تتحلق بمسجده . وكل قطعة كانت تضم جنود كل قبيلة . وكذلك كانت مدينة القيروان بشمال أفريقيا .وكان التخطيط العمراني له سماته الشرعية حيث تشق الشوارع بالمدينة الإسلامية تحت الريح لمنع التلوث وتقام الورش تحت خارج المدينة لمنع الإقلاق . وكان تمنح تراخيص للبناء بحيث يكون المبني من طابق أو طابقين . والأسواق كانت مسقوفة لمنع تأثير الشمس. وكان يعين لكل سوق محتسب لمراقبة البيع والأسعار وجودة البضائع والتفتيش علي المصانع للتأكد من عدم الغش السلعي والإنتاجي.وبكل مدينة أو بلدة كانت تقام الحمامات العامة لتكون مجانا .وكان لها مواصفات وشروط متفقة متبعة .وكان يتم التفتيش علي النظافة بها وإتباع الصحة العامة. حقيقة كانت الحمامات معروفة لدي الإغريق والرومان . لكنها كانت للموسرين. والعرب أدخلوا فيها التدليك كنوع من العلاج الطبيعي. وأقاموا بها غرف البخار (الساونا).والمسلمون أول من أدخلوا شبكات المياه في مواسير الرصاص أو الزنك إلى البيوت والحمامات والمساجد.. وقد أورد كتاب "صناعات العرب " رسما وخرائط لشبكات المياه في بعض العواصم الإسلامية. ومعروف أن الكيميائيين العرب قد اخترعوا الصابون. وصنعوا منه الملون والمعطر. وكان في كل حمام مدلك مختص. وآخر للعناية باليدين.. والقدمين وبه حلاق للشعر كما كان يلحق به مطعم شعبي. وقد قدر عدد الحمامات في بغداد وحدها في القرن الثالث الهجري (955 م) حوالي عشرة آلاف حمام وفي مدن الأندلس أضعاف هذا العدد.
ويعتبر المسجد بيتاً من بيوت الله حيث يؤدي به شعائر الخمس صلوات وصلاة الجمعة التي فرضت علي المسلمين ويقام فيه تحفيظ القرآن . وبكل مسجد قبلة يتوجه كل مسلم في صلاته لشطر الكعبة بيت الله الحرام . وأول مسجد أقيم في الإسلام مسجد الرسول بالمدينة المنورة . وكان ملحقا به بيته . وانتشرت إقامة المساجد كبيوت لله في كل أنحاء العالم ليرفع من فوق مآذنها الآذان للصلاة . وقد تنوعت في عمارتها حسب طرز العمارة في الدول التي دخلت في الإسلام . لكنها كلها موحدة في الإطار العام ولاسيما في اتجاه محاريب القبلة بها لتكون تجاه الكعبة المشرفة . وبكل مسجد يوجد المنبر لإلقاء خطبة الجمعة من فوقه . وفي بعض المساجد توجد أماكن معزولة مخصصة للسيدات للصلاة بها . وللمسجد مئذنة واحدة أو أكثر ليرفع المؤذن من فوقها الآذان للصلاة وتنوعت طرزها. وبعض المساجد يعلو سقفها قبة متنوعة في طرزها المعمارية .
المحراب
وفي المساجد نجد المحراب علامة دلالية لتعيين اتجاه القبلة(الكعبة ) . وهذه العلامة على هيئة مسطح أو غائر(مجوف) أو بارز .والمسلمون استعملوا المحاريب المجوفة ذات المسقط المتعامد الأضلاع. أو المسقط النصف دائري . وقد اختيرت الهيئة المجوفـة للمحراب لغرضين رئيسين هما : تعيين اتجاه القبلة, وتوظيف التجويف لتضخيم صوت الإمام في الصلاة ليبلغ المصلين خلفه في الصفوف .وكانت تجاويف المحاريب تبطن وتكسي بمواد شديدة التنـوع كالجص والرخام والشرائط المزخرفة بالفسيفساء أو المرمر المزخرف.ونري المحاريب التي شيدها المماليك في مصر والشام من أبدع المحاريب الرخامية , حيث تنتهي تجويفة المحراب بطاقية على شكل نصف قبـة مكسوة بأشرطة رخامية متعددة الألوان. و أبرع الفنانون المسلمون في استخدام مختلف أنواع البلاطات الخزفية لتغشية المحاريب أما الخزافون في الشرق, فقد استخدموا بلاطات الخزف ذات البريق المعدني والخزف الملون باللـون الأزرق الفيروزي . وقد حفلت المحاريب بالكتابات النسخية التي تضم آيات من القرآن الكريم, بجانب الزخارف النباتية المميزة بالتوريق و الأرابيسك . كما استخدمت فيها المقرنصات الخزفية لتزيين طواقي المحاريب. وجرت العادة وضع المحراب في منتصف جدار القبلة بالضبط ليكون محوراً لتوزيع فتحات النوافذ على جانبيه بالتوازن.
المئذنة
والمئذنة (المنارة) الملحقة ببنايات المساجد لها سماتها المعمارية .وتتكون من كتلة معمارية مرتفعة كالبرج و قد تكون مربعة أو مستديرة أو بها جزء مربع و أعلاها مستدير. و بداخلها سلم حلزوني (دوار) يؤدي إلي شرفة تحيط بالمئذنة ليؤذن من عليها المؤذن و ليصل صوته أبعد مدى ممكن. و المآذن المملوكية تتكون من جزء مربع ثم جزء مثمن ثم جزء مستدير بينهم الدروات و يعلوها جوسق ينتهي بخوذة يثبت بها صواري تعلق بها ثرايات أو فوانيس. و مئذنة مدرسة الغوري بالقاهرة, أقيم في طرفها الغربي منار مربع يشتمل على ثلاثة أدوار يعلو الدور الثالث منها أربع خوذ كل خوذة منها في دور مستقل, و محمولة على أربعة دعائم و بكل خوذة ثلاث صواري لتعليق القناديل أو الثريات.
العمارة الإسلامية في مصر
لقد غمرت روح الإسلام وحضارة العرب جميع البلاد المصرية ذات الأصالة التاريخية، وطرحت أمامها تلك الثروة المعمارية والفنية الضخمة من مدنية قدماء المصريين، وتسابقت في مجالات الفنون المختلفة حتى أصبحت هذه البلاد رائدة وقائدة للشعوب الإسلامية في مختلف العصور.
ومن الواضح أن يقترن تاريخ الفنون والعمارة في مصر بالتاريخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والروحي. وقد تعاقبت على مصر دول متعددة وحكومات مختلفة، وتغيرت كل واحدة منها وتغير أساليب الحكم فيها، مما كان له أكبر الأثر في تطور الفنون والصناعات المتعددة، وتجلى ذلك بصورة واضحة في تطور أساليب العمارة والبناء وخاصة ما كان لتغير المذهب الديني من أثر، فقد كان الفاطميون مثلاً شيعة انفصلوا عن الخلافة، ثم جاء صلاح الدين وظهر بعده فن آخر يختلف عن فن الفاطميين في طريقة البناء والزخرفة، وهكذا الحال في حكم المماليك ثم الأتراك.
والأمثلة المعمارية الرائعة في مصر كثيرة من أهمها مسجد "أحمد بن طولون" الذي يُعدّ تحفة معمارية حقيقية؛ حيث يتكون من صحن مربع مكشوف تحيط به أروقة من جوانبه الأربعة، وتقع القبلة في أكبر هذه الأروقة، وهناك ثلاثة أروقة خارجية بين جدران الجامع وبين سوره الخارجي تسمى بالزيادات.وهناك أيضًا الجامع الأزهر ومسجد وضريح السلطان قايتباي.
العمارة في المغرب العربي والأندلس
اهتم خلفاء بني أمية أمثال عبد الرحمن الناصر، وهشام، والحكم، وغيرهم اهتمامًا كبيراً بالغ الأثر بالفنون والعمارة. وأولوها حبهم ورعايتهم لدرجة أن كانت قرطبة العاصمة في وقتها ذات مكانة خاصة ومنزلة جامعية، وسُمِّيَت مدينة العلم والمال والجمال. واحتفظت الأندلس بأعظم تراث للفن الإسلامي خلده التاريخ بما له من سحر وجمال.
ويعتبر جامع القيروان وجامع الزيتونة في تونس من أشهر الآثار المعمارية الباقية للآن.
وغرناطة هي آخر المدن الإسلامية في أسبانيا، ويقرن اسمها دائمًا باسم أشهر تحفة معمارية بها وهي (قصر الحمراء) الذي يعتبر فخرًا للعمارة الإسلامية ومعجزة من معجزات الفن الإسلامي العريق.
شُيِّد قصر الحمراء في أوائل القرن الثالث عشر؛ حيث نجد شعار بني الأحمر "لا غالب إلا الله" منقوشاً على حوائط هذا القصر وعلى جميع مبانيه بالخط الكوفي والنسخ.
ويتكون القصر من عدة عناصر معمارية هامة، نذكر منها قاعة الشورى، ومنها إلى ساحة الآس التي بها بِرْكة صناعية وبصدرها قاعة السفراء؛ حيث كان العرش، ثم ساحة الأسود العالمية المشهورة، والتي تجمع مع ما حولها من القاعات أروع ما في القصر من جمال وسحر، ويلاحظ أن أسقف الحمامات المخصصة للقصر من البلور على شكل قباب تصل إليها أشعة الشمس الضعيفة، وتنعكس داخل الحمامات فتضفي سحرًا خاصًّا على المكان.
وقد امتازت "أشبيلية" بشكل عام بسلامة التنسيق وحسن التخطيط، وساعد ذلك جمال الخضرة النضرة ووجود المناظر الطبيعية، أما قرطبة فقد كانت عاصمة الأمويين القديمة في الأندلس، وأجمل مبانيها ذلك الجامع الكبير الشهير بأروقته وأعمدته المتعددة.
الفن والعمارة في الهند
حينما استولى المسلمون على دلهي عام 1193م ظهر الفن الإسلامي في شمال الهند، ويمكن تقسيم الفن إلى عصرين عظيمين.
الأول هو عصر الباتان: وأهم ما يمتاز به هذا العصر أن العمارة كانت فيه تذكارية معبِّرة، وذلك بتقدم فن البناء وطرق الإنشاء باستعمال الحجر الرملي والرخام بمختلف أشكاله وأنواعه، ومراعاة مقياس الرسم المناسب في تصميمات هذه الأبنية، حتى أصبحت مدينة دلهي العاصمة بما حوته من مبانٍ ضخمة وآثار إسلامية تضارع أثينا أو روما أو القسطنطينية ولا تقل عنها من الناحية المعمارية.
أما العصر الثاني فيُسمَّى المغولي 1526م إلى 1857م، فقد كانت الفنون فيه متأثرة بالفن الهندي القديم، فتميزت العمارة والأبنية فيه بالنافورات والفساقي وخلجان المياه؛ مما أضفى على هذه الأبنية سحراً خاصًّا.
ولا شك أن تاج محل الذي أنشأه الشاه (جيهان) في أجرا هو أعظم وأشهر الآثار الإسلامية حتى لُقِّب بألمع جوهرة في تاريخ العمارة بالهند.

الفن والعمارة في فارس
خصصت فارس للمسلمين أيام الخلفاء الراشدين، ومن أهم الآثار المعمارية الباقية الخالدة جامع أصفهان الكبير، ولعل من أهم المميزات هو كثرة استعمالات كسوة الحوائط في العمارة الفارسية بالأنواع المختلفة المتعددة من القيشاني ذي الألوان الزاهية والذهبية؛ حيث تفننوا في صناعتها، وكانت تسمى "بالكاش الفرفوري".
الفن والعمارة في تركيا
من المعلوم أن العثمانيين سُلالة من الأتراك السلاجقة، وكان لهم فن تأثر بالفن الفارسي، فلما استولوا على القسطنطينية وضعوا أسس عماراتهم ومبانيهم على نفس الأسس الخاصة بالعمارة البيزنطية المزركشة، والتي كانت من أهم مظاهرها ومعالمها الواضحة كثرة القباب، وقد نجحوا في تحويل كثير من الكنائس إلى دور عبادة مسلمة، وهذا هو السبب في الاستغناء عن نظام الصحن المكشوف المحاط بالبواكي على جوانبه الأربعة كما هو متبع في جميع المساجد في البلاد الإسلامية.
وقد أصبح جامع "أيـا صوفيا" نموذجًا يُقتدى به في بناء الجوامع التركية، وقد كثرت استعمالات القباب حتى حملت على الأعمدة والعقود، أما الحوائط فكانت تُكسى من الداخل بألواح القيشاني الملون. وأبدع ما شيَّده العثمانيون من المساجد بالقسطنطينية جامع "بايزيد" وجامع "السليمانية"؛ حيث استعمل في جميع النوافذ الزخارف البديعة المصنوعة من الجبس المحلى بالزجاج الملون.
الصور المقترحة للموضوع:
- بيت الله الحرام بمكة المكرمة.
- مسجد الحبيب المصطفى(صلى الله عليه وسلم) بالمدينة المنورة.
- المسجد الأموي بدمشق. – جامع السليمانية بالقسطنطينية.
- الجامع الكبير ببغداد. – تاج محل بأجرا – الهند.
- جامع الزيتونة بتونس. - قصر الحمراء- أسبانيا.
- سور مجرى العيون بالقاهرة. - الجامع الأزهر.
- مسجد أحمد بن طولون بالقاهرة. - مسجد وضريح السلطان قايتباي.
- جامع القيروان بتونس. - مئذنة مدرسة الغوري بالقاهرة.
- جامع آيا صوفيا باستانبول – تركيا. – منزل السحيمي بالقاهرة.
المصـــــــــــــــــادر:
1.العمارة والبيئة-المهندس حسن فتحي-العدد 67 سلسلة كتابك-دار المعارف-مصر.
2. قراءات نقدية في الزخرفة الإسلامية- تأليف : عبد الله سعيد مكني الغامدي.
3. عمارة المساجد.. خشوع وجمال - هيـام السيد.
4. كتاب عبقرية الحضارة الإسلامية- بقلم: أحمد محمد عوف.
5. العلم و الفنون في الحضارة الإسلامية- بقلم: أحمد محمد عوف.
http://ar.wikibooks.org/wiki/ 6.

روابط ومواقع مفيدة :
http://www.islam.org
http://www.islamicity.com
http://www.islamonline.com
http://www.islamctr.org
http://www.isna.net
http://www.icna.com/main.html
http://www.islamicfinder.org
http://www.nzmuslim.net
http://www.mpac.org
http://www.moonsighting.com


مظاهر الحياة الموسيقية المصرية القديمة

مظاهر الحياة الموسيقية المصرية القديمة
كتب : عادل عبد المنعم الدمرداش
كانت الموسيقى والغناء في حياة المجتمع المصري القديم تشكل اهتماماً كبيراً منذ الأسرة الفرعونية الأولى عام 3400 ق.م. تقريبا، كما يذكر التاريخ أن الكهنة وكبار رجال الدين والدولة وعلى رأسهم الملك الإله الفرعون ، كانوا يولون جميعاً الموسيقى عناية خاصة لما لها من ارتباطاً وثيقاً بالحياة الدينية ودورها الأساسي الذي تشارك به في إقامة الطقوس والعبادات ومصاحبة الترانيم والصلوات الدينية.

وقد حظيت الموسيقى في حياة الفراعنة بقدر كبير من التكريم حيث أسندت الدولة مسئولية رعاية هذا الفن إلى الكهنة ويعكس ذلك مدى احترام وتقديس المجتمع المصري القديم بكل طبقاته لهذا الفن.و من أبرز السمات الموسيقية داخل قصور الملوك تميزها بالهدوء و الرقي.

مظاهر الحياة الموسيقية في الدولة القديمة
يرجع الفضل للدولة القديمة في ظهور النقوش والرسوم الأولى التي نقلت للبشرية الحياة الموسيقية داخل المجتمع المصري القديم عزفاً وغناءً، كما أوضحت تلك النقوش أشكال الآلات الموسيقية بفصائلها المختلفة (وترية ـ نفخ ـ إيقاعية) وأسلوب العزف عليها، وقد عكست تلك النقوش مدى المدنية والرقى التي وصلت إليها صناعة تلك الآلات منذ قرون سحيقة من الزمان.
في عصر المملكة القديمة ظهرت إشارات اليد الخاصة بالغناء في بداية الأسرة الخامسة وكانت مقصورة على ظاهرة وضع كف اليد اليسرى للمغنى خلف صوان الأذن وعلى الخد لتكبير الصوت الصادر وزيادة الإحساس بالرنين، وهذه الظاهرة مازالت منتشرة في المجتمع المصري حتى اليوم بين المطربين والمنشدين وقارئي القرآن.
الموسيقى في الدولة القديمة:
ظهرت النقوش التي تحمل أسماء العازفين والمنشدين والرسامين على جدران المعابد والمدافن. وكانت في الغالب لموسيقي و فناني القصر الذين لهم أعمال فنية متميزة
خلدت أسماؤهم، ولم يقتصر نقش الأسماء على الرجال فقط بل كان للنساء نفس هذا الحق. انتشر الغناء في عصر الدولة القديمة، فكانت الأناشيد ترتل داخل المعابد في الصلوات الدينية والجنائزية، كما انتشر الغناء المصاحب للرقص في المناسبات الدينية والدنيوية في شتى المناسبات الملكية داخل البلاط وفى الحياة الاجتماعية الخاصة بفئات الشعب.
وكانت الآلات المستخدمة في ذلك الوقت :الناي القصير والطويل، الهارب الزاوي والمركبى والمقوس.

الموسيقى في عصر الدولة الوسطى
لقد أوضحت الرسوم المنقوشة على جدران المعابد والمدافن في جميع أقاليم مصر القديمة أن الحياة الموسيقية الدينية منها والدنيوية في عصر الدولة الوسطى كانت على نفس
نسق ونظام عصر الدولة القديمة، بخلاف بعض التنوع في الشكل الخارجي لآلات الهارب مع ثبوت عدد الأوتار وطريقة العزف عليها.
كانت السمة العامة في تشكيل الفرقة الموسيقية يغلب عليها الثنائيات، وقد أوضحت النقوش أن كل الاحتمالات كانت واردة في تلك الثنائيات (الرجال مع الرجال و الرجال مع النساء و النساء مع النساء).على النحو التالي:- عازف هارب مع مغنية وعازف ناي مع عازفة هارب ، كما اختلفت أعداد المنشدين ، وكانت آلة الهارب من الآلات المحببة لدى المصريين القدماء عامة، وقد كانت أغنية عازف الهارب ضرباً من ضروب الأدب المصري القديم، كما ارتبطت أغنية عازف آلة الهارب بدور هام في الصلوات والطقوس الجنائزية وتقديم الزهور عند الدفن، وكان لها أيضاً دوراً هاماً في المناسبات الاجتماعية السعيدة حيث تضفى جواً من المرح والسرور على الحياة العائلية والأسرية.
في عصر المملكة الوسطى ظهرت النقوش الخاصة بعازفي الهارب المكفوفين لأول مرة في مقبرة مري رع الأول بتل العمارنة بالمنيا. وقد ظهرت تلك الرسوم على جدران بعض المقابر الخاصة ولم تظهر على جدران المعابد.فى عصر الدولة الوسطى ظهرت مجموعة من
النقوش والتماثيل تصور الحيوانات في صورة موسيقيين وكانت هذه الظاهرة مدعاة للفكاهة والمرح. في الدولة الوسطى انضمت إلى الفرقة الموسيقية آلات الكينارة والطبول بعد ظهورها في الحياة الموسيقية في عصر تلك الدولة.
كان لكل فرقة موسيقية قائد يتوسط المجموعة ويكون عادة بدون آلة وأحياناً قائدين الأول لمتابعة العازفين وكان يعطى مجموعة من إشارات اليد والآخر وظيفته ضبط إيقاع العمل الموسيقى باستخدام التعبير باليدين أو فرقعة الأصابع أو الضرب على الركبتين أو كلاهما معاً
وذلك لتنظيم الأداء وأحياناً تكون وظيفة المايسترو غير مقصورة على القيادة بل تصل أحياناً إلى الغناء وتشجيع أعضاء الفرقة الموسيقية.

السلم الموسيقى

دلت الأبحاث التي أجريت على آلات النفخ للدولتين القديمة و الوسطى أن السلم الموسيقى الذي كان مستخدماً في تلك الفترة كان سلماً خماسياً خالي من أنصاف النغمات، ويؤكد ذلك عدد ثقوب تلك الآلات التي كانت تتراوح ما بين واحد إلى أربعة ثقوب وكذلك عدد أوتار آلات الهارب التي كانت تتراوح في الغالب ما بين ( 4 – 5) أوتار وهى أوتار مطلقة تعزف بالنبر وليست بالعفق.

طابع موسيقى الدولتين القديمة و الوسطى

كانت الألحان الموسيقية بسيطة ونطاقها الصوتي محدود النغمات تبعاً لطبيعة الآلات الموسيقية المستخدمة ذات الأحجام الصغيرة والمتوسطة في عصر هاتين الدولتين كآلات الهارب وآلة الكينارة وآلات الناي، كما كان عدد النغمات التي تصدرها تلك الآلات في المعتاد لا تتعدى الخمسة نغمات، حيث تتراوح عدد أوتارها من أربعة إلى خمسة ونادراً سبعة أوتار وتصدر نغماتها عن طريق نبر الأوتار دون عفقها.
لذلك تميزت موسيقى تلك الفترة بأن كانت أصوات الآلات الموسيقية ذات لون خافت، وقد انعكس ذلك على طابع موسيقى تلك الفترة فتميزت بالهدوء والاعتدال، كما تميزت بالإيقاعات البطيئة وقد اتفق هذا اللون مع طابع الموسيقى الدينية وملائماً مع الطقوس الجنائزية التي تميزت بالخشوع والوقار.
تميز الرقص في تلك الفترة بالإيقاعات البطيئة ذات الأزمنة الطويلة ويظهر ذلك بوضوح من خلال الحركة واتساع المسافة بين القدمين فهي قريبة الشبه بحركات
راقصات الباليه في وقتنا الحاضر. وحيث أن خصائص الفنون هي انعكاس لطبائع شعوبها، فقد وصف الشعب المصري في تلك الفترة بأنه شعب معتدل المزاج هادئ الطباع وله عواطف جياشة تعكسها الأغاني ونصوص الأشعار التي عثر عليها فى البرديات وعلى جدران المعابد، كما أنه شعب يقوم بواجباته في المجتمع على خير وجه، يعطى العمل حقه من الجد والاجتهاد، كما يأخذ نصيبه من الفرح والمسرات.

الموسيقى في عصر الدولة الحديثة
انتشرت في عصر الدولة الحديثة الثقافات الدينية والعقائدية التي تؤمن بالحياة الأبدية بعد الموت ، وما تبع ذلك من عقيدة حساب المتوفى ، ومدى التزامه بفعل الخير ، وإتباعه السلوك الأخلاقي الراقي أثناء حياته.بجانب الثقافة الأخلاقية والعقائدية انتشرت
أيضاً الثقافات الفنية المصرية؛ مثل الأدب الشعبي، والمسرح، والموسيقى، والغناء، والرقص ، بجانب فنون العمارة، والنحت، والرسم التي تألقت تألقاً كبيراً ، تمثلت في بناء المعابد، والمقابر، والمسلاّت شاهقة الارتفاع، والتماثيل العملاقة التي أذهلت العالم، لتصبح علامات بارزة في تاريخ الحضارة المصرية، شاهدة على عظمة الإنسان المصري وعبقريته.
كثرت في عصر الدولة الاحتفالات بالأعياد القومية والدينية ، حتى وصل عددها إلى أكثر من المائتين ، شملت أعياد النصر بالفتوحات المتعددة ، التي حققها قواد وملوك الدولة المصرية في الجنوب والشمال. كان لمصر علاقات دبلوماسية
طيبة مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط ودول جنوب أوروبا، وكان الملوك يتبادلون الهدايا والجواري والعبيد ، وقد وُجدَ كثيرٌ من الرسائل التي أرسلها ملوك ورؤساء تلك الدول الدالة على وجود جو السلام والود بين مصر وتلك الدول .

مظاهر الحياة الموسيقية والثقافية في عصر الدولة الحديثة
كثرت المعابد واتسعت مساحتها، وزادت أعمدتها، وتنوّعت حجراتها وطرقاتها، كما تعددت وتنوّعت أساليب المعيشة بداخلها، حتى أصبحت المعابد مدناً كاملةً، ومراكز للعلوم والثقافة، ومدارس للتعليم، وبناء الكوادر المهنية
والحرفية، كثرت الاحتفالات القومية والشعبية داخل المعابد ، وخارجها على مدار السنة، كما كثرت احتفالات الموائد داخل قصور الملوك ، وقد شاركت الموسيقى والغناء والرقص في تلك الاحتفالات الدينية منها والدنيوية. تعددت أساليب الحياة الموسيقية وتنوّعت داخل قصور الملوك، وفى البلاط الملكي، ونمت نمواً هائلاً ، تمثلت في زيادة عدد من النساء والرجال ، كما تعددت الوظائف الموسيقية والإدارية المشرفة نتيجة للفتوحات والاتصالات التجارية والدبلوماسية بين الحكام الفراعنة ، ملوك ورؤساء المدنيات الأجنبية الآسيوية والآشورية والبابلية، وتبادل الهدايا بينهم من الأسرى والجواري ساعد على تواجد العنصر الآسيوي من الجنسين في مجال الموسيقى والغناء، حتى أصبح في بلاط الفرعون الملك فرقتان موسيقيتان، إحداهما مصرية ، والأخرى آشورية. وتوضح النقوش والرسوم، الفروق الجوهرية بين ملامح الجنس الآسيوي من النساء والرجال، ومدى تباينهم واختلافهم في الشكل الخارجي والمظهر العام عن خصائص المصريين؛ حيث كانوا قصار القامة ولهم شعور طويلة سوداء اللون ، وذوو لحية كثيفة، ويلبسون الجلباب القصير، كما أظهرت النقوش الاختلاف في شكل الآلات وطريقة العزف عليها.
تطورت صناعة الآلات الموسيقية عامة والوترية بشكل خاص حيث شملت الخامات، وجودة الصناعة ، والشكل الخارجي، وعدد الأوتار، وما تبعه من زيادة للمساحة الصوتية ، واتساع الحركة اللحنية بين الحدة والغلظة - ظهرت آلات العود البيضاوية الشكل ذو الرقبة الطويلة والقصيرة ؛ وهو ما عُرف باسم عود الرقص ، كما ظهر العود الكمثرى الشكل ذو الرقبة الطويلة في عصر الأسرة الخامسة والعشرين وما بعدها ؛ وهو أشبه بالطنبور أو البزق التركي ، أما العود القبطي ( المصري ) فقد ظهر فى نهاية حكم الفراعنة لمصر في أوائل القرن الأول الميلادي وما بعدها. تطورت آلات الصنج أو الجنك ( الهارب ) تطوراً كبيراً في الشكل الخارجي وعدد الأوتار ، الذي وصل إلى 22 وتراً في عصر الرعامسة الأسرة العشرين ، كما وصل ارتفاع بعض تلك الآلات إلى أكثر من مترين.
وقد أثرى ذلك الحياة الموسيقية في عصر الدولة الحديثة، فجعل من الموسيقى المصرية موسيقى غنية متفوقة عن كل موسيقات الممالك التي عاصرتها ، مما دعا أفلاطون أن ذكر في كتابه " الجمهورية " يوصى شعبه بالاستماع والاستمتاع بالموسيقى المصرية ، ذات القواعد والقوانين العلمية، كما اعتبرها أرقى موسيقات العالم وأعظم نموذجاً يمكن أن تحتذى به، أي موسيقى تنشد التعبير عن الجمال والحلاوة ، كما أنها أيضاً خير وسيلة لتهذيب العقول وترويح النفوس .


آلة الصنج ـ الجنك ( الهارب HARP ) وبالمصري القديم Bnt, Benet,Binet
آلة الصنج آلة وترية مصرية صميمة تعزف بالنبر ، عرفها المصريون القدماء منذ عصر الدولة القديمة ، وهى إحدى العناصر الأساسية في تشكيل الفرقة الموسيقية الفرعونية على مدى أكثر من خمسة آلاف عام ق.م. وقد انتقلت آلة الصنج من مصر إلى سائر الممالك القديمة
آلة الهارب في عصر الدولتين القديمة و الوسطى
كانت آلة الهارب في مصر القديمة موضع احترام الكهنة ورجال الدين لدورها الأساسي والفعال في مصاحبة الطقوس الدينية والجنائزية ، وقد مرت تلك الآلة بمراحل متعددة من التطور على مدى حكم الفراعنة لمصر شملت الشكل الخارجي ، وعدد الأوتار ، وأسلوب العزف عليها . كانت آلة الهارب بسيطة الشكل متوسطة الحجم منها ما يعزف وقوفاً ، ومنها ما يعزف جلوساً ، وقد ظهر من تلك الآلة أشكال متنوعة في الحجم ، وأسلوب العزف عليها من أشهرها :
الهارب الزاوي :
وهو على شكل زاوية قائمة ويعزف وقوفاً، في حالة ما تكون الآلة كبيرة الحجم توضع على حامل أو منضدة عند العزف عليها .
الهارب المركبي :
وهو مقوس على شكل مركب ويعزف على الكتف وقوفا وقد ظهر هذا النوع في الدولة القديمة منذ الأسرة الرابعة في عصر ما عُرف بعصر بناة الأهرام .
الهارب المقوس المنحنى :وهو على شكل جاروف ويعزف جلوساً بالجثو على الركبة ، أو في وضع القرفصاء، وقد ظهر هذا النوع في عصر الدولة الوسطى ، وعادة ما تحتوى هذه الآلة على ركيزة تستند إليها عند العزف عليها .


الليـــرا ـ Lyra وبالمصرية القديمة Kinnar

الليرا آلة موسيقية وترية تعزف بالنبر .وقد انتشرت تلك الآلة في الحياة الموسيقية عند المصريين القدماء فى عصر الدولة الوسطى تحت اسم كنَر في اللغة المصرية القديمة kinnar ( بكسر الكاف وفتح النون المشددة ) ، كما عرفت باسم كنور Kinnour فى اللغة العبرية ، وكناره Kinnara في العربية ، وهى آلة مصاحبة للغناء والرقص عند المصريين القدماء ، وقد مرت بمراحل متعددة من التطور فى الإمبراطورية الحديثة من حيث الشكل ، والحجم ، والزخارف ، ودقة الصنع ، وعدد الأوتار .وقد انتشرت آلة
الليرا في حياة شعوب منطقة الجنوب تحت اسم الطنبورة ، وكان يُصنع صندوقها الرنان من قرعة جافة أو ظهر سلحفاة ، وكان لها دور رئيسي في الموسيقى الشعبية لقبائل البجة والبشاريون وغيرهم من سكان النوبة .
واشتهرت فى مدن القناة تحت اسم السمسمية ، وانتشر استخدامها كآلة مصاحبة للغناء والرقص عند سكان محافظات بورسعيد ، الإسماعيلية ، السويس ، وقد استوطنت فى تلك المدن بطابعها وشكلها .
وقد وجدت آلة الكنارة المصرية القديمة طريقها إلى أوروبا أثناء غزو اليونان والرومان لمصر في عصر الأسرة الثلاثين ، حيث انتقلت إلى بلاد الإغريق وعاشت عصرها الذهبي هناك ، وانتشر استخدامها تحت اسم الليـرا Lyra وأصبحت أهم الآلات الموسيقية في حياة المجتمع اليوناني القديم ، وقد تطورت تلك الآلة تطوراً كبيراً في أوروبا حتى أصبح لها جذورها في الحياة الموسيقية للمجتمعات الأوروبية .

وصــف الآلــة

من خلال النماذج الأصلية المعروضة في المتاحف المصرية في مصر وبلدان العالم، ومن خلال النقوش والرسوم المتعددة على جدران المعابد والمقابر نجد أن آلة الكنر المصرية القديمة لها أشكال وأحجام مختلفة ، وهى تتكون من :
ذراعين على الجانبين مقوسين وعادة ما يكون الذراعان وعصا شد الأوتار مزخرفة ومزينة بنقوش من رأس أوزة تارة أو رأس حصان تارة أخرى ،كما وُجدت أشكال أخرى من الحليات ، مثل رأس الغزال أو رأس اللبؤة .
البوق ـ النفير وبالمصرية القديمة شنب SHENEB
وصـف الآلــة :
وجد من آلة البوق ثلاث نماذج أصلية حتى اليوم وكانت جميعها بدون مبسم (Boccino) أحدهما في متحف اللوفر بباريس ، وهو من البرونز المطعم بالذهب ، كما يوجد بالمتحف المصري بالقاهرة نموذجين يرجع تاريخهما إلى الأسرة 18، وقد وجدا في مقبرة الملك توت عنخ آمون ، وهما من الذهب والفضة ، وفى حالة ممتازة. وهى من البرونز والذهب. ولكل منهما غلاف داخلي من الخشب حماية لهما من التلف.
استخدامات آلة البوق المشاركة في المناسبات الدينية، المشاركة في المناسبات الرسمية والعسكرية.










مراجع البحث الاليكترونية
http://www.emuseum.gov.eg/
http://www.kenanah.com/
http://www.eternalegypt.org/
مراجع الصور الاليكترونية
http://images.google.com.eg/
http://images.search.yahoo.com/

















أشرف مروان..بين الحقيقة... والخيال

أشرف مروان
بين الحقيقة... والخيال

موت د.مروان المفاجيء،هل هو اغتيال أم انتحار أم قضاء وقدر؟!
هل كان وطنياً مخلصاً لبلاده أم كان عميلاً مزدوجاً؟!
وما هو مصير مذكراته التي تبخرت يوم رحيله المفاجيء؟!


عرض:عادل فضالي- مصر
في حياته قالوا عنه الكثير والكثير..ووصفوه بالطفل المعجزة أيام صعوده المبكر في عصر السادات..ووصوله لمنصب سكرتير الرئيس للمعلومات،ونفوذه البالغ الذي أثار البعض،فهاجموه بعنف،حتى خرج من الرئاسة..ليتولى منصباً آخر..ولم تتوقف الحملات ضده بل ازددات ضراوة.حتى ترك موقعه،واختفى في لندن..وهناك لم تتوقف وسائل الإعلام عن الحديث عن صفقاته الطائرة في العقارات والبنوك وتجارة السلاح وكل شيء!! وتناقلت صراعه الرهيب مع آل الفايد في لندن..وعندما رحل عن دنيانا في حادث مازال غامضاً..قالوا عنه أكثر وأكثر،واتهموه في سمعته الوطنية وأنه كان عميلاً مزودجاً لإسرائيل!.
وخرجت وسائل الإعلام تنقل عن مصادر إسرائيلية أخبار العميل "بابل" الذي خدع إسرائيل في حرب 73.
فأين الحقيقة في كل ما قيل..وهل كان أشرف مروان فعلاً عميلاً مزدوجاً؟أم كانت جميع مهامه بتكليف من السادات؟! وهل كانت مؤسسات الدولة وأجهزتها على علم بما يقوم به من أدوارٍ معينة ؟! وما حقيقة وفاته الغامضة وهل مات منتحراً أم مقتولاً أم قضاء وقدراً ؟! هل كان مروان ظالماً أم مظلوماً ؟!.
وما هي مصير مذكراته التي اختفت يوم رحيله الغامض؟!.
لابد أن الجيل الجديد سوف يتساءل عن حقيقة أشرف مروان وعن طبيعة دوره في حرب أكتوبر 73 ؟!. ومن حقه أن يعرف الحقيقة كاملة دون تزييف أو تجميل..
وكان لغياب المعلومات المتوافرة حول حادثة مصرع الدكتور أشرف مروان،وحول لغز الوفاة المفاجيء،وهل هو اغتيال أم انتحار أم قضاء وقدر؟! وتضارب الكتابات حول مروان،وهل هو وطني مخلص لبلاده أم كان عميلاً مزدوجاً؟! وذهاب بعض الكتابات إلى تصديق الروايات الإسرائيلية،حول العميل (بابل) أو أشرف مروان،وبعض الكتابات الأخرى التي تضم أشرف مروان إلى قائمة الأبطال الخالدين ورموز الأمة،الذين قدموا خدمات جليلة لبلادهم! ولماذا وردت تلك العبارة تحديداً على لسان الرئيسين السادات ومبارك؟!:
" أشرف مروان وطني مخلص لبلاده،قدم خدمات جليلة لمصر"!! كانت هذه العبارة تأتي دائماً عقب الحملات الموجهة ضد أشرف مروان،سواء في حياته أو بعد مماته!لكنها لم تمنع من استمرار الجدل العنيف حول حياة مروان وحقيقة مصرعه الغامض!.
وكتاب " أشرف مروان بين الحقيقة... والخيال" يناقش بشكل علمي موثق للأجيال القادمة حقيقة دور أشرف مروان في حرب أكتوبر 73،والأسئلة الشائكة حول انتحاره أو تصفيته بواسطة الموساد،بسبب ما أشاعوه عن كونه عميلاً مزدوجاً "ضلل" إسرائيل،وتسبب في هزيمتهم يوم كيبور"يوم العبور العظيم"أو أن اغتياله تم على يد تجار السلاح"ملعب الشياطين"؟!.
ويعترف الكاتب والصحفي محمد ثروت(مؤلف الكتاب) بأن خوفه من هذا الملف هو خوف من يسير في حقل من حقول الألغام..ولكن هاجس الحقيقة وحده،وضرورة توثيق الأحداث والمواقف الخطيرة في حياة الأمة،هو الدافع وراء هذا الكتاب.
والكتاب يشتمل على ستة فصول مذيلة بملحقٍ للوثائق والمراجع والصحف والدوريات التي استقى منها الكاتب مؤلفه هذا.وجاءت عناوين الفصول مثيرة لشهية القاريء لمتابعة المواضيع،وهي على التوالي: الصعود-الشبح-العاصفة-السقوط-اللغز-التحليل النفسي.
1- الصعود
ويبدأ فصل"الصعود" بسؤال: من هو أشرف مروان؟
اسمه محمد أشرف أبو الوفا محمد أحمد مروان..ولد في القاهرة في شهر يناير عام 1945.تنحدر أسرته من أصول صعيدية،وتحديداً من محافظة المنيا،وكان جده رئيساً للمحكمة الشرعية ورجلا أزهريا معروفا.أما والده فقد كان ضابطا بالقوات المسلحة،وترك الخدمة وهو برتبة لواء،وبعد إحالته للمعاش،عين رئيسًا لمجلس إدارة شركة الأسواق الحرة.أما والدة أشرف مروان،فكانت من عائلة عريقة تدعى"فايد"من صان الحجر،مركز بسيون،محافظة الغربية.
ونشأ" أشرف" مع أسرته في منشية البكري،وكانت له شقيقتان منى وعزة:وهي الأقرب على نفسه،وكانت موجودة معه في لندن لحظة سقوطه من شرفة منزله!وكان له شقيق أصغر منه يدعى " هاني" كان بعيدا تماما عن نشاطات شقيقه الأكبر!.
وقد حصل أشرف على شهادة الثانوية العامة من مدرسة كوبري القبة،ثم التحق بكلية العلوم،جامعة القاهرة،قسم الكيمياء. وقد اشتهر أشرف مروان بطوله الفارع،ووسامته وابتسامته التي لا تفارقه،وطموح جارف في شبابه.وكان يتردد على نادي هليوبوليس بمصر الجديدة،وهناك تعرف على الطالبة منى جمال عبد الناصر،الابنة الكبرى للزعيم عبد الناصر،والتي كانت صديقة لشقيقته "عزة"،وقد بدأ الحب يتسلل إلى قلب الشاب والفتاة،وكانت لعبة التنس بداية التقارب بين الحبيبين،كانت منى وقتها طالبة في الجامعة الأمريكية،بينما تخرج أشرف في كلية العلوم،جامعة القاهرة،قسم الكيمياء.وقد وافق الرئيس عبد الناصر على زواج أشرف مروان من ابنته "منى"،حتى قبل أن يراه ،لما سمعه من ابنته عن ذلك الشاب الذكي الطموح،الذي التحق بالمعامل المركزية للقوات المسلحة(كضابط مكلف)،لطبيعة تخصصه الدراسي،وتم عقد قرانهما في يوليو عام 1966.
عند رحيل عبد الناصر في 28سبتمبر 1970،كان مروان لا يزال في عمله كسكرتير مساعد للرئيس لشئون المعلومات،وفي أيام عبد الناصر استطاع أشرف مروان الحصول على درجة الماجستير في العلوم ، وقام بالتسجيل لدرجة الدكتوراه،ويؤكد مروان أنه حصل على الدكتوراه بعد عشر سنوات من الدراسة!.
وكان صعود أشرف مروان الخطير قد جاء في لحظات حاسمة من تاريخ مصر المعاصر،وقد صعد نجمه بانحيازه للسادات،في معركته ضد خصومه،عندما سلم رقبة معلمه سامي شرف،أحد مراكز القوى وسكرتير الرئيسين عبد الناصر والسادات للمعلومات.
واشتدت الحملة ضد أشرف مروان من بعض أصحاب المواقع في رئاسة الجمهورية.وفي 21مارس من عام 1976،خرج أشرف مروان من الرئاسة،وألغى الرئيس السادات المنصب..ولكن الرئيس منحه وساماً،واستدعاه إلى استراحته في الإسماعيلية لتكريمه وتكليفه بمهمة رئاسة الهيئة العربية للتصنيع(صورة غلاف الكتاب).
وكانت الهيئة العربية للتصنيع قد تأسست عام 1975،وساهمت كل دولة عربية بمليار و 200مليون دولار،بينما ساهمت مصر بالمصانع التي قدمتها،والتي بلغت قيمتها 300مليون دولار.
وأثناء تولي أشرف مروان لرئاستها،كان الرئيس السادات يرسله كمبعوث خاص للعديد من رؤساء وملوك وأمراء الدول العربية،كما تشير إلى ذلك وثائق وصحف تلك الفترة.
ولم تتوقف حملة الساداتيين ضده،وكلما ازددات علاقاته،وعاد إلى بؤرة الأضواء،كلما اشتد الهجوم عليه من رجال السادات وعبد الناصر على السواء!.
ونقل الصحفي موسى صبري للسادات حكايات مثيرة عن أموال باهظة وعلاقات تجارية لأشرف مروان،وذلك بشنه حرباً سرية،وقد اشتكى مروان للرئيس بسبب ذلك،ونقلت للسادات حكايات أخرى عن الهدايا الثمينة والتليفزيونات الملونة،التي يرسلها أشرف مروان لكبار المسئولين عن الهيئة،وقدم موسى صبري قائمة بأسماء الوزراء والمسئولين الذين قبلوا هذه الهدايا!.
وفي 10أكتوبر 1978،خرجت صحيفة الأخبار تزف البشرى في صدر صفحتها الأولى:"انتهت أسطورة أشرف مروان:قرار جمهوري بإقالته من الهيئة العربية للتصنيع..ونقله إلى وزارة الخارجية".
والغريب أنه رغم عزل أشرف مروان من رئاسة الهيئة العربية للتصنيع،فإنّ نفوذه ظلّ موجوداً داخل بيت الرئيس وكان يتردد على منزل الرئيس السادات باعتباره زوج كريمة عبد الناصر!فقد كان السادات يعتبر نفسه مسئولاً عن منى عبد الناصر كأب،بعيداً عن إبعاد مروان من الرئاسة!.
2- الشبح
كان أشرف مروان قد اختار الإقامة في لندن بعد أن أثار الصخب في القاهرة،واتجه إلى الأعمال الحرة في لندن،مستغلاً علاقاته العربية المتشعبة،خاصة مع الحكام ورجال الأعمال.
وعاد مروان أقوى مما كان.هناك بدأت علاقته بالمليونير المصري رشدي صبحي،الذي ترددت أقاويل حول مصادر ثروته وإرجاعها إلى تجارة السلاح،وقد خرج من عباءة رشدي..ثلاثة أشخاص،الأول هو احمد يوسف الجندي زوج ميمي طليمات(الأخت غير الشقيقة لإحسان عبد القدوس، وابنة روز اليوسف و زكي طليمات الممثل المسرحي المعروف)،واحمد الجندي سليل عائلة كانت صاحبة جمهورية زفتى إبان ثورة 1919،أما الثاني فهو محمد عبد المنعم علي الشهير بـ" محمد الفايد"،أما الرجل الثالث الذي خرج من عباءة رشدي فهو" أشرف مروان" ذاته،الذي كانت مصادر ثروته مثار جدل في مصر وخارجها.
وقد تعرّف أشرف مروان سنة1981،على عدو "الفايد" اللدود وهو رجل الأعمال البريطاني الشهير"تيتي رولاند"،الذي حاول انتزاع محلات هارودز من الفايد!.
وقد أصر أشرف مروان على أن يخوض الصراع مع تيتي رولاند ضد آل الفايد،مما وصلت معهم هذه الحرب إلى ساحات مجلس العموم البريطاني،عندما كشف النائب العمالي"دال كامبل سافورز" عن تورط أشرف مروان في عمليات تنصت على مكالمات محمد الفايد،وقد بلغت عملية التنصت ثمانية آلاف جنيه إسترليني في الساعة للخط الواحد!.
ولم تمر معركة الفايد و مروان مرور الكرام،فبعد وصول القضية إلى مجلس العموم البريطاني،شكلت الحكومة البريطانية لجنة برئاسة المستشار"جون جريفز"،للبحث في منابع ثروة أشرف مروان،وأصدر جريفز تقريراً يحمل اسمه،مما آثار ضجة في أوساط المال العالمية،لكن مروان تجاهل كل هذا،وظل يتنقل كالشبح من صفقة إلى أخرى،محققاً أرباحاً خرافية.وقد استطاع مروان في خلال سبع سنوات فقط من إقامته في لندن تكوين إمبراطورية اقتصادية كبيرة،فقد أنشأ شركة للاستثمار هناك قدر رأسمالها عام 1988 بعشرة ملايين دولار،وشارك في أسهم شركة" يولي بيك" بثلاثة ملايين جنيه إسترليني والكثير الكثير من شرائه لأسهم عقارات وشركات وطائرة خاصة لتنقلاته،وقصر فخم في لندن لمعيشته.
وقد ذكرت تقارير صحيفة"الفاينينشال تايمز" أن الغموض يكتنف ثروة الدكتور أشرف مروان وأنشطة خاصة ! وهو الذي كان يشار إليه في القاهرة على انه "الابن المعجزة"،بسبب النفوذ الذي مارسه، والإنجازات التي حققها، وهو في العشرينات من عمره!.



3- العاصفة
كان أشرف مروان على موعد دائم مع"العاصفة"،يفتح لها صدره بهدوئه القاتل دون أن ينحني أو يلين..لكن العاصفة هذه المرة لم تكن قادمة من القاهرة،حيث خصومه من الساداتيين والناصريين معاً بسبب صعوده السريع الذي جعل خصومه يطلقون عليه"الطفل المعجزة" الذي وصل على منصب سكرتير الرئيس السادات للمعلومات وعمره لا يتجاوز الثلاثين عاما.
كانت "العاصفة" هذه المرة أخطر مما يتوقع وفوق ما يتصور عقله المدرب على حروب بالدهاء.
ففي أكتوبر 2002 وفي شهر رمضان المعظم!؟-صدر كتاب بعنوان "تاريخ إسرائيل" لمؤرخ إسرائيلي يدعى"أهارون بيرجمان"،وقبل أن يطرح الكتاب ،قامت صحيفة"يديعوت أحرونوت"الإسرائيلية قي سبتمبر عام2002 بنشر عرض لكتاب"بيرجمان" الضابط الذي ترك الجيش،وهاجر إلى لندن،واستقر هناك للعمل كأستاذ للتاريخ بجامعة لندن منذ عام 1989.
ورغم أن بيرجمان" لم يذكر أشرف مروان في كتابه بالاسم صراحة،بل وصفه"زوج الابنة"(أو صهر الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر).
وأثار الكتاب عند نشره لغطًا كبيرًا ليس في الشارع الإسرائيلي فقط ولكن في الشارع المصري والعربي ككل،وأبرز ذلك التناقض الكبير في شهادات ومذكرات القادة الإسرائيليين عن ذلك العميل المزدوج واسمه الكودي وطبيعة المهام التي قام بها.
4- السقوط
كان الطقس بارداً وغريبا في ذلك الوقت من شهر يونيو،وتحديدا يوم الأربعاء 27يونيو عام 2007،وفي الساعة الواحدة و40 دقيقة ظهراً؟! حين سمع الناس صوت ارتطام(اصطدام) أمام العمارة رقم 24 في شارع كارلتون هاوس تيراس بحي بيكاديللي سيركس الراقي بوسط لندن.
لم يتوقع أحد من سكان ذلك المبنى الراقي،أن يكون الرجل الذي سقط من شرفة المبنى هو نفسه الرجل الغامض أشرف مروان الذي يقطن في الطابق الخامس في البناية المكونة من ستة طوابق مقسمة على جانبين أحدهما يضم نوافذ ضيقة والآخر يضم شرفات واسعة تطل على حديقة كبيرة.
نهاية درامية لرجل يقف ببين الأسطورة والحقيقة والعتمة والضوء..نهاية متوقعة،لكنها مباغتة وغامضة ومثيرة،فقد توقفت آخر نبضات الرجل الغامض فوراً في وقت الظهيرة مثل أبطال المآسي الإغريقية دون حاجة للنقل إلى مستشفى،لضخ بعض الدماء في العروق الواهنة والقلب الذي أثكلته العواصف والأحزان العميقة.
صعود درامي وسقوط درامي كذلك من قصور الرئاسة وعوالم البيزنس وتجارة السلاح إلى الموت من شرفات لندن الضبابية..موت غامض لرجل أكثر غموضا كلاهما استجاب لنداء الآخر،ليستريح من عذابات المرض والعواصف الإعلامية والضغوط النفسية التي لا تحتملها أعتى عقول العالم.
كان أشرف مروان وحيداً في شقته لحظة سقوطه أو إسقاطه من الشرفة باستثناء مديرة منزله البرتغالية،التي كانت موجودة بالمطبخ لحظة وقوع الحادث،وكذلك الطباخ،بينما كانت شقيقته"عزة" موجودة خارج المنزل للتسوق في لندن،أما زوجته منى عبد الناصر فكانت – في ذلك الوقت- في بيروت،و ولداه جمال وأحمد أشرف مروان فقد كانا بالقاهرة،حيث يديران أعمالهما التجارية والإعلامية الخاصة بهما.
على الفور طار خبر الرحيل المفاجيء والغامض لأشرف مروان إلى القاهرة،حيث كانت نشرات الأخبار تذيع خبر سقوط أشرف مروان من شرفة شقته بوسط لندن.
وفي لندن كانت شرطة "سكوتلاند يارد" جاهزة – دائما ً- بالتصريحات القاطعة – في مثل هذه الحالات المماثلة مع المصريين - حيث أعلنت: أنه لا توجد شبهة جنائية حتى الآن وراء الحادث !؟.
5- اللـــــغز
شهدت الصحف المصرية والدولية والإسرائيلية جدلا واسعا،حول رحيل أشرف مروان،ودارت الكتابات والتحليلات الصحفية حول ثلاثة سيناريوهات محتملة:
الأول: انتحار أشرف مروان ،بسبب اكتئابه ويأسه من عدم شفائه من مرض السرطان وأمراض أخرى،أو بسبب تزايد التشكيك في سمعته الوطنية من الموساد والمؤرخين الإسرائيليين.وعدم وجود أي رد مصري لاعتباره في حياته.
الثاني: اغتياله على يد الموساد وعملائه في الخارج،لأنه تسبب في خداع الإسرائيليين وهزيمتهم في حرب يوم الغفران،حرب أكتوبر 1973.
الثالث: اغتياله على يد تجار السلاح،بسبب دخوله في ملعب الشياطين،خاصة ما تردد عن دوره في "صفقة اليمامة" (أو الأسلحة البريطانية المقدمة للسعودية).
أما بالنسبة للسيناريو الأول: وهو فرضية الانتحار،فهي التي تبنتها الشرطة البريطانية في بداية التحقيقات،بناءً على روايات شهود،والذين رجحوا فرضية انتحار مروان بإلقاء نفسه من شرفة شقته بالدور الخامس،وبذلك اعتبرت شرطة لندن:"أنه لا شبهة جنائية وراء الحادث،وأنه لن تجري ملاحقة أحد"!.
ولكن - في يناير 2008 – قالت نفس المصادر الشرطية،بأن هناك شاهد أو معلومات وصلت إليهم من الولايات المتحدة الأمريكية حثتهم على فتح التحقيق مرة أخرى في فرضية أخرى وهي "القتل والاغتيال"..وحتى الآن لم تردنا أنباء أخرى على هذا السيناريو!.
أما السيناريو الثاني المفترض،الذي يفترض اغتيال مروان على يد الاستخبارات الإسرائيلية"الموساد" فقد ارتبط بفرضيات عديدة،منها أن أشرف مروان أو العميل "بابل" وهو الاسم الحركي لمروان،كما أطلقه عليه المؤرخ "بيرجمان"،وما نشرته الصحف الإسرائيلية( من أنّ أشرف مروان كان عميلاً مزدوجًا ) مما جعل الموساد أضحوكة أمام العالم،كل هذا أدى إلى تصفيته.
وقد ذهب إلى تأكيد هذا الاحتمال،نجل مروان نفسه "جمال" الذي أكد أنّ والده تلقى تهديدات من جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد" قبل يومين فقط من حادث وفاته!.
6- التحليل النفسي
كغيره من الشخصيات القلقة في التاريخ..فيما بين صعوده ورحيله غموض لا حدود له،أشبه بقصر الأسرار المليء بالشفرات والألغاز والغرف المظلمة! كلما حاولت الاقتراب منه،ازداد غموضاً وتعقيداً تقف عنده حدود المنطق ودهاء الرجال.
فهو رجل متعدد الأوجه والأقنعة،صامت لدرجة لا تحتملها أعتى الصخور.. صلد لا تهزأ به العواصف،ولا تزعزعه الرياح العاتية.
صاحب وجه فولاذي..في مقدمته صلعة من آثار العمليات العقلية الكبرى وحروب الدهاء،وفي عينيه نظرة عميقة الأغوار،تحمل عشرات الأسئلة،التي لم تستطع إخفائها تلك النظارة العريضة،التي تحتل مسافة بارزة من وجهه،حتى أصبحت لازمة له في جميع الصور التي ظهر بها في المناسبات الخاصة والعامة.
والخلاصة...
يرى الباحث مؤلف الكتاب(محمد ثروت):أن التكوين الاجتماعي والنفسي لأشرف مروان،ترك آثاراً على شخصيته منذ صعوده المبكر وحتى سقوطه من أعلى شرفات لندن،ورحيله المفاجيء،وبالتالي فإنّ مسألة انتحاره أمر مشكوك فيه،وهو ما تنفيه أسرة مروان والأصدقاء المقربين منه،وعدد من الخبراء الأمنيين في مقدمتهم اللواء فؤاد علاّم(وكيل جهاز أمن الدولة المصري السابق)،وأساتذة علم اجتماع الجريمة،وهذا يجعل وجود شبهات جنائية وراء سقوطه بهذا الشكل الدرامي!؟.
ويرى كذلك المؤلف:أنّ أشرف مروان ليس بطلاً وليس خائناً،فهو رجل أدى دوره"المكلف به" مثل آخرين من الرجال قدموا لمصر خدمات جليلة ولم ينتظروا أي ثمن أو مقابل نظير ما فعلوه!!
و..تبقى كلمة...
إنّ تاريخ الأمم والشعوب،وقضايا الأمن القومي لا يجب أن يترك للاجتهاد الشخصي والأحاديث العاطفية،والتحليلات السطحية التي تزخر بها صحفنا وإعلامنا بمختلف ألوانه وأشكاله.
فغداً تتحول الوقائع والأحداث والشخصيات إلى تاريخ..وبعد غدٍ تصبح الصحف هي المصدر الوحيد للمعلومات،في ظل غياب الوثائق ورحيل شهود العيان وصناع الأحداث..وهنا تكمن الخطورة..وموضوع القلق..وهو أمر يحتاج إلى طول مناقشة وحوار..
******